عادت مظاهر الحيوية والنشاط لأسواق مكة الشعبية بعد فترة الركود الصيفية، فمنذ عصر أول يوم في رمضان ازدحمت تلك الأسواق بالباعة والمتسوقين الذين يجدون كل ما يلائم موائدهم الرمضانية الحافلة بشتى أنواع الأطعمة والمشروبات التي قلما تجدها في غير رمضان. تحفل أسواق مكة خلال هذا الشهر بباعة الفول والتميس وأصحاب البسطات الذين يعرضون بضاعتهم، مثل السمبوسة واللقيمات والعيش الشريك ومشروب السوبيا، أو كما يسميه أهل مكة «عمدة المائدة الرمضانية» وغيرها. ويستعد معظم الباعة لتجهيز حاجاتهم منذ وقت مبكر، لكثافة الإقبال المتوقعة، وهذا يعني استهلاك كميات أكبر من تلك الأطعمة والمشروبات الرمضانية التي تتميز بفوائدها الكثيرة وبساطتها وخلوها من المواد الدسمة، كما أنها تناسب دخول الأسر رقيقة الحال، وهذا هو ما يفسر الإقبال الكبير عليها. ويحاول كثير من الباعة إضفاء نوع من التمييز على بسطته أو محله بإطلاق بعض العبارات الجاذبة والمنغمة مثل «إذا فاتك الفول ماني مسؤول».. «قرب يا ولد على السوبيا».. «فطورك يا صايم»، وغيرها. وفي مقابل هذا التنوع الكبير من الباعة تجد تنوعا مماثلا من المتسوقين الذين يتجولون هنا وهناك باحثين عن طلباتهم. وأكثر ما يلفت نظر المتجول في الأسواق الشعبية، أولئك المعتمرون الذين يجدون في الشراء من تلك الأسواق نوعا من المتعة والتغيير، حيث يمكث الكثير منهم إلى ما قبيل موعد أذان المغرب كحال المكيين. وذكر سليمان المنتشري، صاحب محل لبيع المأكولات الشعبية، أن الاستعداد لشهر رمضان بدأ منذ أكثر من أسبوع حيث يتم توفير المواد الغذائية المناسبة لصناعة وتجهيز تلك المأكولات التي يزيد الطلب عليها في شهر رمضان، مثل السمبوسة واللقيمات والمنتو والفرموزة واليغمش. وذكر أن العمل في رمضان له متعة خاصة، رغم طول مدته، كما أنه يعد فرصة لتعويض فترات الركود التي تمر بها محال بيع المواد الغذائية. وذكر أن خروج السكان إلى الأسواق الشعبية خلال فترة العصر إلى ما قبيل أذان المغرب، من عادات المكيين خلال هذا الشهر .