اختفى صوته ورسمه مع التطور العمراني والتقني في عصرنا الحالي، حيث كان يضرب ثلاث ضربات بالدف توقظ الصائمين لتناول سحورهم في مكةالمكرمة.. إنه «المسحراتي» الذي كان يتجول في كل ليلة من ليالي شهر رمضان الكريم منبها الصائمين بموعد تناول السحور. يوضح العم أسعد قفاص الذي كان يعمل مساعد عمدة شعب علي وسوق الليل سابقا أن «المسحراتي كان يجوب شوارع وأزقة مكةالمكرمة في كل ليلة من ليالي الشهر الفضيل حاملا معه طبلة يضربها ثلاث ضربات بعيدان صغيرة وكذلك فانوسا يضيىء له طريقه أثناء المسير مرددا عددا من الجمل والكلمات التي منها «اصحى يا نايم.. ووحد الدايم.. سحورك لا يفوتك»، كذلك كان ينادي ويردد الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «تسحروا فإن في السحور بركة»، مشيرا إلى أن المسحراتي كان يقف تحت كل منزل وينادي أصحاب البيت بأسمائهم الكبير والصغير لأنه، أي المسحراتي، يكون من سكان الحارة التى ينادي فيها؛ ولذلك فإنه يعرف جميع المساكن والسكان، فهو كان ينبه الناس قبيل صلاة الفجر بساعة لكي يتسنى لهم تناول السحور، حيث كان سكان مكةالمكرمة ينامون بعد صلاة العشاء. ويضيف قفاص أن «المسحراتي اختفى منذ أعوام عديدة، فقد كان له طعم خاص في ليالي رمضان، وقبيل عدة عقود من الزمن لم يكن أهل مكة وما جاورها يستيقظون لسحورهم إلا على صوت المسحراتي الذي يعرفه كل أهل الحي، فهو شخصية تتسم بالبساطة وحب الناس له، بل إن البعض ادخل على المهنة بعض الكلمات المنمقة والساخرة يرددها أمام كل بيت يعرف صاحبه مثل: سحورك قبل لا يفل نورك.. وشيل العتلة ازبط المرقة». وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أول من ابتدع مهنة المسحراتي هو وزير السلطان ابن قلاوون، فقد بات ليلته ولم يوقظه أحد فشكا لوزيره عطش يومه، فأمر وزير السلطان من الحرس بدق الطبول في القصر قبيل الفجر، ومن ثم تطور الأمر حتى وصل إلى كثير من البلدان العربية.