في مواسم الأفراح يمكن ملاحظة ظاهرة سلبية لا تجد المعالجة الكافية من جميع الجهات المعنية، وهي الهدر الكبير للطعام في قصور المناسبات التي تفيض بالنعم بما هو أكبر من حاجة المدعوين، فتتعرض كميات الطعام الفائضة للتلف، وهي مسؤولية أصحاب المناسبات وقصور الأفراح وجمعيات حفظ النعمة التي تعجز عن تغطية هذا الكم الكبير من الأطعمة. عن محاولات الحد من الإسراف والتعامل مع فوائض الأطعمة يتحدث الشيخ سالم الدريبي من جمعية البر بالمرقب، إحدى الجمعيات المعنية بحفظ النعمة، التي لا يعرفها كثير من المواطنين. عن أسباب الظاهرة والخلل في عدم السيطرة عليها، وما إذا كان ذلك بسبب سوء التوعية أم قلة وعي المواطن، يوضح الدريبي: «في الحقيقة، مدينة الرياض على سعتها وكثرة القاطنين فيها، للأسف لا يوجد بها سوى خمسة مراكز لاستقبال الفائض وليس هناك جمعية واحدة متخصصة، كما أن هذه عند التدقيق والمراجعة لا تجد سوى مركزين ينطبق عليهما التخصص لهذه المهمة، لوجود الثلاجات وأفران التسخين والشوي والسيارات المتخصصة، وذلك للأسف لعدم وجود دعم لهذه الجمعيات التي تقوم على خدمة المجتمع بحفظ النعمة، أما التوعية بهذه الجمعيات فأعتقد أن الأمر واضح للعيان، والجمعيات أو المراكز منتشرة وأرقامها ومواقعها عبر الإنترنت معروفة، ولكن العلم بالشيء لا يكفي إذا لم يتفاعل المواطن ويحرص على التنسيق والترتيب مع هذه المراكز قبلها بوقت كاف». ويضيف: «كما أسلفت، فالمراكز ليست لها قدرة على الإعلان في القنوات أو التليفزيون أو عبر الصحف، لضعف مواردها، ولكن المبادرات الكريمة من الإعلام هي التي تسهم في توعية المجتمع». وبالنسبة إلى مصير طعام المناسبات: «مصير ما يتم إحضاره من قصور الأفراح أو الاستراحات أو المناسبات الخاصة، التوزيع في حينه، إن كان وصوله مبكرا، أو الحفظ ومن ثم يسخن ويضاف إليه طعام جديد، ثم يوزع على الأسر الفقيرة، وبالأخص المسجلة بالجمعية، وهنالك ملاحظة لا بد من التنبيه عليها، وهي أن أكثر الناس ليسوا حريصين على إبقاء الطعام نظيفا، فنجد بعضهم يترك مخلفات الطعام على الطعام المراد إيصاله للجمعية، فمثلا تجد علب العصير وأوراق المناديل في الطعام الفائض، وهذا لا يمكننا من الحصول على طعام صالح للأكل». وبالنسبة إلى عدم تعامل قصور الأفراح والقاعات والاستراحات مباشرة مع جمعيات بعينها: «هذا هو المؤمل عليه، ولكن كما أسلفت، كبر رقعة المدينة وقلة المراكز المعنية بحفظ الأطعمة، هي السبب الرئيسي، كما أن هناك أسبابا تضعف التعامل مع القصور، ويتمثل ذلك في عدم التنسيق المبكر مع المركز، بل يتم الاتصال في ساعة الصفر، ومن ثم تذم وتلام الجمعيات لأنها لا تحضر، كما أن كثيرا من المواطنين يتصلون بالمركز ويطلبون الحضور لأخذ الفائض، وعند الحضور نجد أن الطعام قد تم التصرف به، بل إن من يعنيه الأمر في القصر أو المناسبة ليس لديه علم بذلك، ويتضح أن المتصل من المعزومين، وهذا فيه خسارة وقت لتلبية اتصالات أخرى، وإضافة إلى ذلك فإن الغالب في القاعات والقصور «عشاء بوفيه مفتوح»، وهذا فيه تنوع في الطعام والإدامات والمقبلات وخلاف ذلك، والحقيقة أن هذه تحتاج إلى عناية أكثر لكونها سريعة التأثر والفساد، وكذلك الفرز وخلافه، بينما الأرز مع الدجاج أو اللحم سهل التعامل معه وفق الإمكانيات التي لدينا، وأخيرا فإن غالب ما يتم إحضاره من القصور يكون في ساعة متأخرة من الليل، قد يصل في الغالب لقرب صلاة الفجر، لا سيما أن طعام النساء غالبا يتأخر، لذا لن تجد من يستفيد منه في حينه».