كما أن المنة تفقد العطاء قيمته، كذلك الضغط الزائد على أي جانب في شخصية مخلوق يقدرك دون أن تراعي احتياجاته وضعفه، فإن لم تمت في قلبه، فلا تظن أن الانفجار بعيد عنه، فقد يتحول الطير الجريح إن بالغت في ملامسة موضع الألم، إلى نمر شرس، لا يمكنك السيطرة على جوعه، ومن الصعب إن لم يكن مستحيلا أن تعيده إلى سيرته الأولى، فعندما تختار القسوة أو الخيانة، عليك أن تتحمل الثمن، فلا يمكنك أن تلامس أسلاكا مكشوفة وتضمن السلامة. وفي الطرف الآخر، هناك من اختار أحقر دور ليعيشه، ويعطل قدراته ليكون فقط ضحية متعفنة بين ركام الضحايا، ويرفع راية الاستسلام البالية، ويشتكي عبور الآخرين فوق حرماته، أو استعباد سلوك ما لحياته، فيمارس حيلة تراشق المسؤولية مع فخ الظروف والطفولة البائسة وقرناء الشر، على أرض التبريرات، كأنما خلق دون إرادة! وقد اختصر أدولف هتلر التضحية السامية في قوله: «الإنسان لا يضحي بنفسه من أجل صفقة تجارية، ولكنه يفعل من أجل فكرة أو مثل أعلى». ويذكرني ذلك بالعشوائي والهوائي الذي يترك الباب مواربا لمن أراد الدخول أو الرحيل، لأنه لن يحظى بإنسان يصدقه العشرة والعطاء، ويضحي من أجله، رغم أن النزوات لها رنين يطرب الطفل الذي يسكنه، إلا أن الناضج داخله مكبوت في آخر زوايا شخصيته، ينتظر دون موعد، حتى يشيخ قبل أوانه، فيبقى وحيدا متناثرا في ظلمات النزوات المهاجرة. فما أرخص أن تعيش هامشيا على مزاج الحظ، كأنما تقامر على أيامك، دون أن تشعر أنك من يصنع حظه، ويعرف حقا ماذا يحتاج، ويدرك نهاية الطريق وأنه لن يتجرع من التوقعات كأس الندم، عندما يكتشف أن النهاية مغلقة، وعليه أن يبذل الكثير ليجد طريق آخر. ومن استغنى بذاته، فهل تتعلم كيف تفسح الطريق لمن أراد أن يقاسمك الحياة؟ وتمسك بيد نديمه حتى لا يأخذ أحدكما الحماس وينسى أن يلتفت، ليتأكد أن صاحبه بجانبه. خارج النص: سذاجة أن تنتقد ما لا تعرف.. مستندا على وكالة «يقولون».