لأنه موسم مناسبات وأفراح، اخترت أن أتحدث عن الزواج، فهو برأيي من أكثر المواضيع تناقضا بدءا من كونه موضوعا شخصيا ويتدخل فيه عدد لا يحصى من الناس. المعضلة الأولى في الزواج: من يجب أن يكون مقتنعا بالطرف الآخر؟ هل هو الشاب والفتاة المقبلان على الزواج، أم الأهل؟ ما يحدث غالبا أن الأم تعتقد أنها هي التي يجب أن تقتنع بزوجة ابنها حتى ولو خالفت المواصفات التي يتمنى وجودها في شريكة حياته! فهي أدرى بمصلحته، فتخضعها لاختبارات غريبة لا ترضاها لإحدى بناتها، اللواتي سيقعن في الموقف نفسه لتشابه الأمهات. ووالد الفتاة يريد رجلا يتطابق مع مقاييسه هو، وليست بالضرورة هي الرجولة كما كانت سابقا، بل يجب أن يتحدث بطريقة معينة، وتكون إجاباته مرضية له حتى لو كانت مصطنعة لا يهم، المهم أن يكون الجواب متوافقا مع ما في ذهن هذا الرجل الذي يدعي أنه حريص على ابنته ومستقبلها، ومن شدة حرصه فإنه يرهق كاهل الشاب بطلبات غير ضرورية ليشعر بأهمية هذه الفتاة التي سيتزوجها، وأنها ليست سهلة يمكنه الحصول عليها بمبلغ بسيط، والمضحك المبكي أن هذا الأب حين يخطب لأحد أبنائه يستنكر على والد البنت الذي يبالغ في طلباته، ولكنهم قالوها قديما: «البعير ما يشوف عوجة رقبته»! ومن التناقضات العجيبة التي لن تكفي مساحة هذه الزاوية للحديث عنها، تتعلق فيما يطلبه الرجل في المرأة وما يرتضيه وما لا يرتضيه، وبالمقابل ما الذي يحق للفتاة أن تقبله أو ترفضه..؟ حين تكون الفتاة ذات شعر خشن مثلا، قد يرفض الشاب الاقتران بها لهذا السبب، وهي لا يحق لها ذلك لسببين: الأول أنها لا ترى شعره المختبئ تحت الطاقية والشماغ، والسبب الآخر وهو الأهم أن جميع من حولها يستنكر عليها رفضها لهذا الشاب من أجل شعره؟ أليس من الممكن أن يورث هذا الأب شعره الخشن لإحدى بناته وتبقى مرفوضة من قبل الخطاب مثلا!