تطالعنا الصحف هذه الأيام بالنتائج نصف السنوية للشركات والبنوك، التي تتحدث عن مليارات من الأرباح، حيث يحقق قطاع البنوك وحده أكثر من 14 مليار ريال. هذه الأرقام الكبيرة بالطبع تسعدني كمهتم بالاقتصاد الوطني، ولكن هل هي تسعدني كمواطن لا يعرف من الاقتصاد الوطني سوى راتبه البائس الذي يسقط على الحساب البنكي آخر الشهر؟ عشرات من الشركات المليارية وآلاف من الشركات المليونية التي تتمتع ببيئة استثمارية أقل ما يقال عنها ممتازة، بل أكثر من ذلك، ليس ابتداءً بالتمويل الميسر من جهات حكومية كثيرة، وانتفاء شبه تام للضرائب والرسوم، والمحافظة الصارمة على الأسعار وإيقاف أي حرب أسعار من الممكن أن تؤثر في أرباح هذه الشركات، وليس انتهاءً بالحماية التامة من قبل وزارة التجارة لها والتجاهل التام من قبلها أيضا للمستهلكين، حتى أني لا أعتقد أن هناك شركة واحدة هنا تهتم أو تضع في حسبانها أن هناك مستهلكا من الممكن أن يسبب لها قلقا، فلا قانون واحدا مفعل يقف في صفه. كل هذه المميزات التي تتقلب عليها شركاتنا يجعلني أسأل سؤالا منطقيا باعتقادي: ماذا قدمت هذه الشركات للناس؟ للمجتمع؟ للمستهلكين الذين جعلوا أرباحها تتضخم؟ أين المجتمع في قوائم هذه الشركات المالية؟ لم لا يكون هناك قانون واضح يلزم هذه الشركات باقتصاص حصص معلومة من أرباحها لخدمة المجتمع؟ نحن من يصنع هذه الشركات، ونحن من يزودها بالإيرادات المليارية، ونحن من يجب أن نحوز جزءا من اهتمامها. وزارة التجارة والصناعة شرعنت كل ما يدعم قيام شركة مربحة في السعودية ولكنها عندما أقرت ذلك مقتفية مثيلاتها في دول العالم الأول نسيت أو تناست أن مثيلاتها هناك أقرت أيضا كل ما يدعم مجتمعاتها، فالمجتمع هو المعني هنا.