بين غمضة عين وانتباهتها تحولت أنظار المتابعين لبطولة كأس العالم لكرة القدم إلى «أخطبوط» يحرك مشاعر الملايين من البشر بين التفاؤل والتشاؤم. هذا الحيوان الرخوي الصغير أعمى الألوان استطاع أن يهز بصيرة معظم سكان الكرة الأرضية، ويستحوذ على النجومية المطلقة في هذه البطولة المليئة بالكثير من المفارقات العجيبة الغريبة، وسيذهب الناس الحانقون على هذا الأخطبوط المسكين باتهامه بأنه كان وراء إبعاد ميسي وكاكا وكريستانو رونالدو وغيرهم حتى يحظى وحده ببريق الوهج الإعلامي الأكبر. وقد يقصي هذا الحيوان جميع المرشحين للقب أفضل لاعب في العالم حتى لا تجد الفيفا أحدا تعطيه هدية الأفضل سوى الأخطبوط بول! مهما حاول بعض الناس التقليل من شأن هذه الشعوذة الكونية، إلا أن الذي نشاهده تجاوز التسلية والمتعة إلى أخذ المسألة بكل جدية، فجميعنا رأينا كيف هلل الجمهور الإسباني عندما اتجه الأخطبوط الصغير إلى زجاجة الأكل التي ألصق عليها العلم الإسباني، وكذلك التشاؤم وخيبة الأمل على وجوه الهولنديين عندما ترك زجاجتهم جانبا، وكأنهم خسروا بالفعل كأس العالم! وربما يكون تأثير هذا الحيوان المسكين قويا على نفسية الفريقين وبالتالي تغليب فريق على آخر، فالذي أحدثه الأخطبوط بول ليس سهلا وسيفتح بابا لجميع مشعوذي العالم بالظهور كنجوم في مناسبات عالمية وأممية مهمة حتى لو كان عن طريق الاختباء خلف حيوان مسكين مثل «بول». استطاعت جنوب إفريقيا أن تفرض ثقافتها رغما عن أنف جميع سكان العالم، فصفاراتهم الطويلة ستصلكم بمئات الآلاف وسترفع أسعار القطن الذي تسد به الآذان، وستجدون أنفسكم مجبرين على شراء تلك الصفارات لأبنائكم رغما عنكم لأنهم شاهدوها في مباريات كأس العالم. وسيحتاج الكثير من أطفال العالم ومهووسي كرة القدم إلى البحث عن العرافين وأصحاب الرخويات لمعرفة نتائج فرقهم المفضلة. أمر غريب ومحير، إن كان هذا تفكير أوروبا ودول العالم الأول فكيف سيكون وضع العالم الثالث الذي لا يملك حصانة قوية تجاه تلك الخزعبلات!