تقرأ الرواية وتعتقد أنها ستعلمك كيف تصنع اليد؟ وإذا بك تفاجأ برواية مختلفة قليلا عما عهدته من قبل إلى حد أنها تدفعك إلى التساؤل: هل يريد الروائي أن يعلمنا كيف تكتب الرواية؟ هل الرواية هي يد الروائي: « فاليد لديها القدرة على التعبير، وتتحول إلى لسان عندما يستعصي الكلام، وهي المنفذ الوحيد لرهافة الحس». «كيف تصنع يدا؟» عنوان لافت حقيقة ويشد الانتباه أكثر مع غلاف الرواية الذي هو عبارة عن جسم مشوه تنقصه اليد اليمنى، واليد الأخرى ممدودة ولا تدري هل تكتمل أم لا! الرواية مقسمة إلى ثلاثة أقسام «أ، ب، ج»، يخبرك الروائي بأنك إذا قرأت «ب» يمكنك أن تقول إنك قرأت الرواية، على الرغم من أن عدد صفحاته أقل من عدد صفحات القسم «أ» الذي هو عبارة عن إحالات تفيدك في فهم الخلفية التاريخية والجغرافية والاجتماعية ل حسين الذي فقد يده اليمنى، وسيصنع له الروائي يدا!! فاحتوى على نماذج لما تحتويه الرواية من أغانٍ وقصائد ومذكرات وصورة لعبة الفرفيرة، والنموذج الأخير يتضمن توضيحا رياضيا للطرق الإحدى عشرة التي يمكنك من خلالها قراءة الرواية. وفعليا هذه الطرق ليست سوى أربعة والبقية تكرار لبعض الطرق مع اختلاف الترتيب وهذا ما يريد أن يصل إليه الروائي، إذ يمكنك أن تبدأ بالقسم «ب» ثم «أ» وغيرها، وأعتقد أن الأغلبية قرؤوا الرواية بالطريقة التقليدية «أ» الإحالات، «ب» متن الرواية، «ج» الفصل الأخير الذي كتب في تبجيل اليد، ومن خلاله يجيب عن السؤال الذي يتبادر بذهنك أثناء قراءة الرواية: لماذا فقد حسين يده؟ وليس أي عضو آخر من جسمه. لكنها اليد التي يريد عبرها أن يستعيد هويته، بعد ما فشلت كل محاولاته في التجنيس ولم يحصل إلا على دفتر الإقامة الذي مزقه بعد ما اجتاحته ثورة التخريب والتدمير لاستعادة يده التي يعتقد أنها «تنبت» بعد أن يكسر كل الزجاج الذي يحيط به: المرايا، المزهرية، زجاج شقته وسيارته، زجاج واجهة المحال، المطعم، الملحمة، والصراف الآلي! ودفتر الإقامة الذي لا يعبر عن هويته الحقيقية التي أضاعها أجداده على أجزاء متفرقة يفقدون في كل منطقة جزءا منها في الرحلة التي قطعوها من غاو حتى وصلوا جدة! ويبرز السؤال: لماذا الزجاج؟ ويساعدك الروائي ويتساءل معك السؤال نفسه، ويبدأ بالتفكير معك ومحاولة الإجابة: «وإذا كنت كسرت الزجاج في الشقة لأسباب لها علاقة بالهروب من ماضيك». ولكن ماذا عن زجاج الخريطة الإفريقية، والزجاج الذي يغلف صورة أخيه في لندن؟ هل الزجاج يمثل الواجهة التي تجمل الأشياء وتبعدك عنها ولا تستطيع إليها طلبا! يكسره ليرى الأشياء على حقيقتها! يكسره تعبيرا عن رفضه لوضعه الحالي الذي صبر عليه هو وأمه أعواما طويلة، في حين أن شقيقه التوأم هاجر، ووالده يرجع إلى حيث أتى بعد انفصاله عن زوجته! إنه يكسر الزجاج لتنزف يده وتروي بدمها اليد الأخرى، ليفارق الحياة بعد اكتمالها، كأنك لن تحصل على ما تريد إلا بعد الموت!