من هواياتنا التي نزاولها حتى ونحن في وضع الاستلقاء على السرير، هواية «إصدار الأحكام المستعجلة غير القابلة للاستئناف!» تلك التي لا يفصل فيها بين وقوع الفعل والنطق بالحكم سوى عشر ثوان في أفضل الأحوال! هذه الهواية تجد رواجا كبيرا في الأوساط الشعبية ولا تحتاج إلى كثير مهارة حتى يصبح المرء أحد روادها، فيكفي أن يمتلك أحدهم لياقة «لسانية» عالية ومفردات شتائمية واسعة، وأن يكون على قدر عالٍ من التشاؤم وأن يملك وقت فراغ لا يعرف كيف يقضيه، ليكون من أفضل مزاوليها! أعرف كثيرين يزاولون هذه الهواية على سبيل التسلية وتمضية الوقت ليس إلا! وإلا بماذا نفسر أن يطلق أحدهم حكما فوريا بفشل مشروع بناء مستشفى في مكان يموت فيه عشرة أشخاص في كل يوم! أو أن ينتقد ثاني عمل وزير لم ينه البسملة بعد صدور قرار تعيينه! نحن أيضا نزاول هذه الهواية من وقت لآخر، لا تروق لنا إحدى جُمل مذيع البرنامج، فننعته بالأخرق والأحمق والأجوف و«الأفدغ»! ثم نتمادى أكثر من ذلك فنطالب بإيقاف البرنامج وتسريح طاقم العمل، ولا نتوقف عن ذلك العبث حتى نطالب برأس أعلى مدير في تلك القناة! وما إن يضيع لاعب فريقك الجديد أولى فرصه للتسجيل حتى يصبح لئيما وغبيا وأحول ومتخلفا ومجموعة أخرى من الأحكام المستعجلة التي كان أكثرها رأفة، ان لو كان لك من الأمر شيء لأعدته لمسقط رأسه «كعابي»!! الأسوأ في مثل هذه الهواية أنها تنتقل من جيل لآخر بالتوريث! إلا أنها تصبح أكثر تطرفا عند انتقالها، فكما يذكر صديقي مسعود أنه وعند سؤاله لأحدهم عن رأيه في «سين» من الناس فقد أجاب دون تردد «ما يسوى ريالين»! إلا أن صديقي بدأ يترحم على «أحدهم» هذا بعد أن طرح السؤال ذاته على ابنه الذي أجاب قبل أن ينهي صاحبي سؤاله «ما يسوى هللتين»!