وفر عدد من الفتيات الصحبة الآمنة لبعض الشباب، ليتمكنوا من اختراق حاجز المنع الموجود في المراكز التجارية التي تقصر دخولها على العائلات دون الشباب، وذلك مقابل ريالات معدودات تتراوح بين 10 – 20 ريالا، حسب مدى جشع ورضا كل فتاة. ولم تكن الظاهرة حكرا على مركز بعينه، بل سبق أن ظهرت في العديد من أماكن الترفيه على الشواطئ، الأمر الذي دفع حراس الأمن لمنع الشباب المتجاوزين من الدخول، وإخراجهم فور اكتشاف أمرهم. جدة. عثمان هادي لكن في المراكز التجارية اختلف الأمر، إذ باتت الكاميرات المنتشرة في العديد من مواقع الدخول، تفضح الاتفاقيات السرية، التي يتوهم أصحابها أنها تتم في الغالب بعيدا عن الأضواء، بل وصل حد بعض الكاميرات لالتقاط الصور الواضحة لقيمة الأموال التي تدفع بالطبع مقدما للفتاة، في مظهر أشبه بسوق للفتيات. حاتم. س شاب لم يتجاوز ال 21 عاما، يعترف أنه حاول الوصول إلى داخل المركز بشتى الطرق، من خلال رشوة حارس الأمن المتشدد في المنع، لكنه وجد كل الأبواب موصدة، فعاد حزينا، لكن زميله في اليوم التالي دله على فتاتين تخصصتا في التمرير من البوابات الأمامية، وليست الخلفية: « لم أصدق الأمر، واعتقدت أنه مجرد مزاح، لكن في اليوم المحدد عود، ذهبت وصديقي، وقابلنا الفتاتين في موقف السيارات، وتم الاتفاق على سعر الدخول الذي يبدو أنه يتحدد وفق هيئة الشاب، فالمقتدر ماديا يدفع مبلغا لا يقل عن 100 ريال، بينما الغلابى أمثالنا لا يدفعون إلا 20 ريالا، وأحيانا أقل». دخول وفضيحة دفع الشاب، وتوسط الفتاتين، ودخل السوق بلا منازع أو مراجع، أو مشكك، لكنه خلال تجواله وجد نفسه في ورطة: « فاجأني حراس الأمن لمطالبتي بالخروج الفوري من السوق، أو مرافقتهما إلى المكتب المختص، بحجة أنني شاب، والدخول ممنوع إلا للعائلات، بالطبع لم أرغب في الدخول معهم في مهاترات، وخرجت، بعدما أكدوا لي أنهم رصدوا اتفاقي مع الفتاة منذ اللحظة الأولى، وحرصا منهم على التأكد من الأمر، تركوني لأدخل، وبعدما تركتني الفتاة، كان اليقين من أنني أحد ضحايا الدخول الممنوع، ليضيع ما دفعته للفتاة، التي يبدو أنها ذهبت لاصطحاب شاب آخر، مقابل مبالغ أخرى، هكذا سوق الفتيات أمام تلك المراكز». السماح أفضل سالم.ع 19 عاما، نموذج آخر لشاب تنكر في هيئة عوائل لدخول السوق، لا يعرف حتى الآن حسب قوله سبب المنع الذي يحول دون دخول الشباب: « بالطبع سنحاول الوصول إلى طرق عدة للدخول، ولو أنهم سهلوا علينا من الوهلة الأولى لكفانا ذلك شر المرور على بنات السوق، أو المتاجرات بدخول الشباب، وفي المرة الأولى افتضح أمري، لكن في المرات الأخرى، لم يفضحني أحد، ولم يطردوني، لأنني اكتفيت بالجلوس في الكوفي شوب، بدلا من التنقل في الممرات، وقد يكون لك سبب، لأنني أعرف أن الكاميرات ربما اصطادتني خلال عملية المقايضة مع الفتيات لدخول المركز، ويجب أن يتفهم الجميع أن بعضنا لا يؤذي أحدا، وإن كان البعض سيئا، فالكل ليس كذلك». تجربة المرور هدى. هكذا رمزت لنفسها، خلال عملية تمريرنا إلى داخل السوق، مقابل ريالات معدودة، وصلت إلى 50 ريالا، بعدما تأكدت من رغبتنا الجامحة في الدخول، ونفذت إلى جوفنا، وشعرت بأننا في حاجة ماسة إلى الدخول، هي لا تريد معرفة السبب، قادتنا المصادفة لمقابلتها على بوابة المركز، وبلا استحياء عرضت علينا الدخول برفقتها، بجملة: « إذا أردت الدخول مع محرم، عليك الرجوع إلى الخلف، وأحصلك». بالطبع لم نتردد في العودة للخلف، وشعرنا بأننا ربما نتعرض لموقف تجاري، حاولنا التعرف على هويتها عقب حضورها، لكنها رفضت وامتنعت: «أنت تبي الدخول، ولا لأ». خشينا من فشل التجربة، وسارعنا بتأكيد الرغبة في الدخول بمقابل، لتتسلم المبلغ، ونرافقها من البوابة الرئيسية. في الطريق حاولنا التعرف على هويتها: «سعودية أنت؟». لكنها سحبت أطراف الكلمات، رافضة التصريح بأي زوائد لفظية، فبادرناها بأن كلمة أحصلك، قد توحي بأنها وافدة، ولو أنها تجيد اللهجة المحلية، لكنها أيضا لم تستسلم بالتوضيح أو الشرح، واكتفت بتوصيلنا لأول بوابة داخلية، والانسحاب بهدوء، وبجملة واضحة: «أقولك المهمة انتهت، ولو مشيت خلفي، أسويلك فضيحة». لماذا المنع؟ لم نصدق أقدامنا التي رافقت الفتاة، واعتقدنا أنها ربما حالة شاذة، ولم نصدق رواية الشباب المتحايلين، واعتقدنا أنه ربما يبالغون في تضخيم الأمر، لكن في داخل المركز الشهير، كان الواقع، إذ اعترف مدير الأمن بأحد المراكز التجارية الشهيرة ياسر الزهراني أن المشكلات التي يرتكبها بعض الشباب دفعت إلى اتخاذ قرار مماثل بمنع الشباب من الدخول: «لولا أن القرار واضح، ويجب علينا الالتزام به، لمنعنا الفتيات أيضا من الدخول، لما ترتكبه بعضهن من مخالفات مشابهة». وكشف أن بعض الفتيات تخصصن في التحايل على الشباب لتمريرهم من البوابات، بعدما فشلوا في إغراء حراس الأمن ورشوتهم، ولا يعرفون أننا نراقب المركز بدقة عبر كاميرات في كل موقع: «يوجد بمركزنا التجاري 370 كاميرا مراقبة، منها الثابت والمتحرك، ونحاول قدر المستطاع حل جميع المشكلات التي تحدث من الشباب أو الفتيات داخل المركز، وإذا استعصى الأمر نطلب تدخل الهيئة أو الشرطة، خصوصا أن معظم المشكلات لا تخرج عن المعاكسات، أو السرقات، لذا نرصد الواقع أولا بأول، ولا نتجنى على أحد بل ننتظر للتأكد أولا، ثم اتخاذ القرار المناسب الذي يعتمد على الستر أولا سواء للشاب أو للفتاة، وفي حالة رغبة أي طرف في تطوير الأمر لدينا تسجيلات موثقة يمكن تقديمها للجهات المختصة». وبين أن الفتيات اللاتي يقمن بتمرير الشباب، على الرغم من أننا نعرفهن، إلا أنهن يحاولن التحايل، بتغيير العباءات، والتنقل الدائم بين المراكز، حتى لا يفتضح أمرهن: « لدينا من الحس الرقابي، ما يجعلنا نتأكد من الفتاة، لذا فإننا لا نتركها فور التأكد من أنها أدخلت الشاب وتركته وحيدا، إذ ندعوها إلى مغادرة المركز، ونبين لها الأسباب، وإذا اقتنعت تركناها، وفي الغالب لا تعود، لكن المؤسف أن السوق تشهد العديد من الوجوه الجديدة التي لا يمكن اكتشافها، وكأنها أصبحت سوقا للفتيات أمام المراكز». تفاصيل المعاكسات ويروي مشاهد واقعية مسجلة بكاميرات المراقبة، توضح بشاعة المعاكسات أمام المراكز التجارية: « رأينا شابا يطارد فتاة، لكنها لم تستجب له، فبادر بسحب العباءة، لتسقط أرضا، وتستنجد بحراس الأمن لسترها، لكنه في هذه الحالة، تم التعامل مع الشاب نظاميا، بإحالته إلى الجهة المختصة، لأنها حالة اعتداء واضح». وأوضح مدير الأمن بأحد المراكز التجارية، الذي يعمل في هذا المجال منذ 15 عاما، منصور. س، أن الكاميرات تفضح العديد من التفاصيل المؤلمة، خصوصا الفتيات اللاتي يهربن من أسرهن عبر بوابة المراكز التجارية: « مشكلات النساء باتت تنافس مشكلات الشباب، لذا لدينا، حارسات أمن للتعامل مع تلك الحالات، ففي إحدى المرات تعرضت خمس فتيات بالضرب لحارس أمن لأنه نبههن بأنهن يرتدين ملابس فاضحة، قد تتسبب في أذيتهن داخل السوق، فانهلن عليه بالضرب». وأشار إلى أن بعض الفتيات يدخلن الأسواق بغرض غير التسوق: « نرى أسرهن في اصطحابهن، لكنهن يخرجن من البوابات الأخرى». وبين أن مسألة تنكر الشباب بارتداء العباءات النسائية لدخول المراكز، لا يمكن اعتبارها ظاهرة: « تعتبر حالات فردية، لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، لكننا تخصصنا في فضح أمرها بسرعة، وفي الغالب يكون التعامل معها بأسلوب الستر أيضا، لكن من أراد النظام، نحيله للجهات المختصة، لينال عقابه» .