لن ينسى أحمد الزهراني وأبناؤه الصغار الساعات العصيبة التي عاشوها الأربعاء قبل الماضي وهم يشاهدون أمواج الطوفان تجرف كل ما يعترضها، ما بقيوا على قيد الحياة، فحين اشتد تساقط الأمطار قرر الرجل إلغاء رحلة كان قد وعد أطفاله بها إلى إحدى الاستراحات القريبة للاستمتاع بأجواء ذلك اليوم. موضحاً أن السيول سبقته إلى مركبته فجرفتها إلى المصير المجهول، فيما لم يجد أمام ذلك الوضع سوى الابتهال إلى الله بالدعاء «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، والدخول إلى المسجد لأداء صلاة الظهر، وإجراء اتصالات مكثفة بصغاره يشدد فيها عليهم بعدم الخروج إلى الشارع، واللجوء إلى سطح المنزل الذي أتى الطوفان على أجزاء واسعة منه، وألقى بهم في قوائم المنكوبين الذين يعيشون حالياً في الشقق المفروشة. وقال: «على رغم كل التدابير والاحتياطات التي اتخذتها، إلا أن أطفالي لم يسلموا من إفرازات الكارثة التي لا يزالون يجترون كل تفاصيلها من خلال الأحلام والكوابيس التي تداهمهم من حين لآخر، فضلاً عن حال الاكتئاب التي دخلوا فيها وفقدوا متعة الحياة بعد ذلك اليوم الغادر». وأضاف: «إن صغاري بحاجة لجلسات نفسية تخرجهم من الأزمة التي يعيشونها منذ الأربعاء الماضي، لاسيما وأن مشاهد الموت كانت تحيط بهم من كل جانب، فضلاً عن الانهيارات التي نالت كثيراً من المباني والمنشآت». ويواصل: «ربما السيل فعل بي خيراً حين جرف مركبتي قبل أن أصطحب فيها صغاري، فنجاة أطفالي خير من سلامة منزلي وسيارتي» مضيفاً: «كنت أرى المياه تجرف سيارتي وغيرها الكثير، وتحركها بشكل أرعب الجميع، فيما دخل غالبية الموجودين في حال أشبه بهستيريا لإنقاذ الأرواح البشرية التي تدفعها المياه بشدة»، مشيراً إلى أنه دخل في حال من عدم الاتزان والذهول من هول ما يراه. وزاد: «لم أكن حينها مستوعباً ماحدث حتى أخبرني أحد أقاربي بفقدان اثنين من أبنائه في تلك الكارثة، ولا يزال يبحث عنهما»، مشيراً إلى أنه استلم الإعاشة التي أمر بها والد الجميع الملك عبدالله ولكنه في الوقت ذاته لم يتسلم أي مساعدة أخرى من مواد غذائية وأخرى عينية محملاً الجهات المعنية مسؤولية ذلك. وأوضح أنهم يتلقون اتصالات متكررة توعدهم بأن المساعدات العينية ستصل في القريب العاجل، في حين مضى أكثر من أسبوع ولم يجدوا شيئاً، متسائلاً عن مصيرهم بعد انتهاء فترة مكوثهم في الشقق المفروشة، لاسيما وأن السيول أتلفت أجزاء واسعة من منزله وأثاثه.