يظهر فيلم "النكبة" للمخرج الياباني هريوئتشي هيروكاوا أن قيام دولة إسرائيل عام 1948 تم عبر تدمير 240 قرية فلسطينية وترحيل أكثر من 700 ألف فلسطيني من بلدهم الأصلي. وقال هيروكاوا إن ما دفعه لإنجاز هذا الوثائقي باللغتين الإنجليزية واليابانية وترجمته إلى العربية والعبرية هو شعوره "بجهل الرأي العام العالمي بهذه الحقائق الجوهرية". وأكد المخرج والمصور الياباني - كما نقلت عنه فضائية "الجزيرة" القطرية - أنه أراد أن يقدم للجمهور ما وصفها بالأدلة الهامة على الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطنيين، مبينا أنه جمع تلك الحجج عبر أكثر من أربعين سنة من العمل الميداني في الشرق الأوسط. يخرج المشاهد لفيلم "النكبة" بفكرة أساسية مفادها أن أحداث عام 1948 كانت بداية لمأساة إنسانية استثنائية لا تزال متواصلة. وقد أدرج المخرج مقاطع من تسجيل فيديو أنجزه بنفسه في صبرا وشاتيلا بعد المذبحة التي ارتكبت في هذين المخيمين الفلسطينيين الواقعين في ضاحية بيروت في سبتمبر 1982، كما وثق الفيلم ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ 1967. ويصور الوثائقي -الذي يعرض حاليا في باريس ضمن فاعليات مرور 60 عاما على نكبة فلسطين- أطلال القرى الفلسطينية المدمرة داخل الخط الأخضر، ويعرض شهادات لضحايا النكبة واعترافات لمقاتلين يهود شاركوا في تلك الأحداث. ويقوي المخرج طرحه بمقابلات مع مؤرخين إسرائيليين مناهضين لفكرة إنكار حقيقة الكارثة التي سببها إنشاء "الوطن القومي اليهودي" لعرب فلسطين. وكشف هيروكاوا أنه بدأ التفكير بإنتاج هذا الوثائقي منذ عام 1967 قائلا "كنت في تلك المدة متدربا في حي داليا اليهودي الذي قادني إليه ولعي بالتجربة الاشتراكية المطبقة فيه". وأضاف أنه أصيب بصدمة حين اكتشف في أحد الأيام كومة من الأحجار البيضاء بين نباتات الصبار كانت أطلالا لبلدة فلسطينية تحمل اسم "دالية الروحة" أقام عليها اليهود حيا على أنقاض قرية فلسطينية. وصور المخرج لقاءات مع لاجئين من تلك البلدة يعيشون الآن في الناصرة شمالي إسرائيل وفي مخيم جنين بالضفة الغربية. واستعرض صورا ووثائق وشهادات نادرة حول مذبحتي الطنطورة ودير ياسين الشهيرتين، كما كرس حيزا هاما من الفيلم لشرح دوافع العصابات الصهيونية في ذلك الوقت. وأورد الفيلم أقوالا للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه يؤكد فيها أن ترحيل الفلسطنيين جاء نتيجة مباشرة لقرار الأممالمتحدة بتقسيم فلسطين نهاية عام 1947. وأوضح بابيه أن القيادة اليهودية نفذت وقتذاك خطة منهجية وشاملة للتطهير العرقي لقلب الميزان الديمجرافي لصالح اليهود في المنطقة. من جهته أكد الجامعي الإسرائيلي شلومو زاند -الذي كان عضوا في منظمة "متسبين" المناهضة للاحتلال - أن الصهيونية القائمة على التمييز الديني والقومي بين أبناء البلد الواحد تحمل في طياتها جانبا من الفاشية.