"ساء من رأى" عبارة تناسب كل من يمر بحي القويزة وشارع "جاك"، فرغم مرور أكثر من أربعة أشهر على كارثة سيول جدة، إلا أن الوضع لم يستقر في الأحياء المتضررة، ولم تعد الحياة إلى سابق عهدها. أقلام وهدايا وأوراق بنكية وشهادات تدريب ووثائق لشهادات جامعية كانت مبعثرة، داخل سيارة "شيفروليه" جرفتها السيول في حي القويزة. وفي شارع "جاك" بقويزة لا تزال آثار سيول جدة على منازل هجرها سكانها، ففي شارع جانبي ما زالت البيوت مهدمة ولم تصل إليها أية إصلاحات. من جانبها، أكدت أم نايف "أرملة" أنها ما زالت تسكن في إحدى الشقق المفروشة وحضرت إلى منزلها للاطلاع على ما تم مؤخرا، مبينة أن عدد أفراد أسرتها 7 أولاد و6 بنات، اثنتان منهن معاقتان، وإلى الآن لم تحصل على أية تعويضات بخلاف بعض المواد الغذائية التي يحملها أهل الخير، و1300 ريال عبارة عن مساعدة يصرفها الدفاع المدني لها. وأوضحت أم نايف أن أكثر جيرانها هجروا منازلهم ولم يتقدموا بطلب صرف تعويضات، وقرر عدد كبير من سكان قويزة تبديل سكنهم والهجرة إلى الأحياء البعيدة، والأكثر أماناً وبعدًا عن المخططات التي تضررت من السيول، مشيرة إلى أنه مع كل هذا، فقد أسرع ملاك العمائر برفع قيمة الإيجار إلى الضعف. وفي شارع آخر بجوار شارع "جاك"، وضع أحمد بدوي مالك إحدى العمائر لوحة شقق للإيجار، وقال إن بعض السكان تركوا شققهم ولم يعودوا، وعندي 7 شقق قيمة إيجار إحداها 20 ألف ريال سنويا ومساحتها أربع غرف، مشيرا إلى أنه يحاول منذ شهرين إيجاد مستأجرين للشقق، لكن تخوف المواطنين والمقيمين من السكن في مجرى السيل أوقف السوق العقاري في شرق المخطط السريع رغم زيادة أسعار الإيجارات. أما مجيد عبد الرحمن من سكان القويزة، فذكر أنه بنى منزله والآن بعد السيول لا يجد في نفسه رغبة للسكن بالحي، مضيفًا أنه شاهد 6 من أبناء جيرانه توفوا داخل منزلهم، وهو ما جعله يسارع إلى بيع منزله. وأكد لبيب المالكي أنه حصل على تعويض قيمته 70 ألف ريال عن فقدانه أثاث منزله المكون من طابقين. أما تعويض السيارة فلم يحصل عليه، مشيرا إلى أنه يرفض العودة للموت في ذلك الحي مرة أخرى. وأوضح سليمان الحربي من سكان القويزة أنه نال تعويضا أقرته لجان فحص حالات الأسر المتضررة قيمته 15 ألف ريال وهذا لا يكفي ما فقده من أثاث على حد قوله. وأشار إلى فقدانه سيارة حديثة بعد شرائها بشهرين قيمتها 60 ألف ريال مؤكدا أن عليها أقساط وإلى الآن لم يتم تعويضه عنها. أما الموطن سعيد فبيّن أنه قدم من الطائف للوقوف على حجم الإصلاحات التي تمت في الحي والشارع القريب من منزله، موضحًا أنه انتقل للسكن في الطائف ولن يرجع إلى قويزة مرة أخرى، مؤكدًا أنه شاهد استخراج عدد كبير من السيارات الغارقة ببحيرة الموت التي يطل منزله عليها ما جعله يتشاءم من السكن في جدة خاصة شرق الخط السريع. وأوضح عبدالرحمن الحربي، أحد سكان شارع جاك، أنه حصل على مبلغ قليل لا يعادل قيمة ما فقده في سيول جدة. وذكر محمد عابد من سكان شارع السيرة العطرة بحي الجامعة، أنه لم يصرف شيئا من تعويضات الدفاع المدني، مشيرا إلى أنه نزح مع عائلته إلى خارج جدة عند شقيقه في الجموم بمكة المكرمة، مؤكدًا أن بعض جيرانه حصلوا على تعويضات عبارة عن مواد غذائية ومفروشات ولم يعوضوا بأي مبالغ مالية. أما مبارك الحربي من سكان حي الجامعة، فأكد أن الشارع الذي يمر بمنزله لم تمسه أي إصلاحات حتى هذه اللحظة، موضحًا أن سكان الحي قاموا بنقل القمامة وبعض المنقولات من الطرقات، واستأجروا سيارات شفط المياه على حسابهم الخاص ومع ذلك لم يسجلوا ضمن المواطنين المتضررين ليشملهم التعويض. وأكد أنه فقد أثاث شقتين في الدور الأرضي الكائن بمنزله. كما أكد العديد من سكان أحياء القويزة والجامعة وكيلو 14 عدم حصولهم على تعويضات بعد كارثة سيول جدة التي ألحقت بممتلكاتهم العديد من الأضرار. وفي ذات السياق، قال المواطن علي العبسي، أحد المتضررين من سكان حي قويزة، إن التعويضات التي صرفت ضئيلة لا تغطي حجم الأضرار التي تعرضوا لها. وأشار العبسي إلى أنه تم صرف مبالغ مالية مرتفعة للعديد من الأسر، عكس البعض ممن هلكت منازلهم وتكبدوا العديد من الخسائر أثناء السيول التي اجتاحت الحي، موضحا أنه منذ رجوعه إلى منزله أصبح يعاني بين إقامته في مسكن متهالك يفتقد لمعظم سبل الراحة، وبين سيارات الأجرة التي تستنزف ما في جيبه لعدم وجود وسيلة مواصلات تنقله من مكان إلى آخر بعد أن جرفت السيول سيارته أثناء الكارثة. من جهته، أوضح أحمد الغامدي من سكان قويزة أن الأضرار التي لحقت ببعض الشوارع بعد سيول جدة لم يتم إصلاحها فمن يتجول بين شوارعها- على حد قوله- يلاحظ عدم الاهتمام بالأعمال الإنشائية. وأضاف أن الكثير من سكان الحي هجروا منازلهم ورحلوا إلى الأحياء المجاورة مما دفع سكان بعض المنازل إلى استغلال الباحثين عن مأوى وسكن بعد دمار منازلهم، ورفعوا أسعار الإيجارات حيث تجاوزت الإيجارات أرقاما خيالية وصلت إلى ثلاثين ألف ريال سنويًا. وذكر عبد الله ربيع عوضه من سكان حي الجامعة المتضررين من سيول جدة، أنه رفض الرحيل من منزله بعد الأحداث الأخيرة، وفضل البقاء بين الطين والمياه التي اختلطت بها مياه الصرف الصحي، مؤكدًا أنه لم يحصل إلى الآن على تعويضات من قبل لجنة حصر الأضرار، وتحمّل العديد من التكاليف لمحاولة إصلاح بعض الأضرار المتراكمة داخل المنزل وخارجه. إلى ذلك، كشفت المدير العام لجمعية الفيصلية فوزية الطاسان أن عدد الأسر التي قدمت لها المساعدات من قبل الجمعية تجاوزت 2032 أسرة حيث قدم لها الدعم الذي تمثل في الأجهزة المنزلية وصيانة المنازل، لكن هناك العديد من المساكن التي ما زالت آيلة للسقوط في كيلو 14 الشمالي بمنطقة الوادي. وأكدت الطاسان أن المنازل في هذه المنطقة تقع في أماكن خطرة ولابد من تركها. كما أكدت الطاسان أن هناك العديد من الأسر التي ما زالت بحاجة ماسة لمساعدات وخاصة ترميم المنازل حتى تكون صالحة للسكن، وتوفير المساكن للأشخاص الذين تركوا منازلهم الآيلة للسقوط. مشاهدات • عادت الحياة ببطء شديد إلى بعض الأحياء التي تضررت من سيول جدة، إلا أن بعض المنازل بدت خالية بعد أن هجرها سكانها. • الخدمات تعمل في إصلاح الشوارع والطرقات الرئيسة. أما الشوارع الداخلية للأحياء الشعبية بقويزة وشرق الخط السريع وكيلو 14 فلم يصلها أي إصلاح. • ما زالت الأعمال الإغاثية تسير ببطء نظرًا لصعوبة حصر الأسر المنكوبة وهجرة الكثير من السكان وخوفهم من عودة السيول مرة أخرى. • الكثير من السكان أكدوا إصابة أبنائهم برهبة وفوبيا الرعب عند ظهور سحب في سماء جدة. • مدارس الشوارع الداخلية لأحياء قويزة وشرق جدة لم يتم إصلاحها، وجميع المساجد عمرت بأيدي السكان وفاعلي الخير حسب إفادة السكان. • ملصقات ورقية وضعت على بعض السيارات التي لم يتم التعرف عليها ولم يسحبها الدفاع المدني. • بعض العابثين يتفحصون السيارات دون أي خوف ولا توجد دوريات أمنية أو حراسات على المباني المهجورة