مع بزوغ فجر الغد، يكون سكان غزة قد عاشوا ألف يوم بلياليها في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق. أياما رأوا خلالها مختلف أنواع الويلات والمصائب، أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني شعروا بالجوع، منهم 80% عاشوا طيلة الفترة الماضية تحت خط الفقر، بينما 500 من ضحايا الحصار احتضنتهم مقابر غزة، بعد أن فشلت سيارات الإسعاف في نقلهم إلى خارج الحدود المغلقة لتلقي العلاج في الدول العربية القريبة أو في إسرائيل، أو عجزت المستشفيات عن تقديم حقنة تباع خارج غزة في أصغر الصيدليات. تخللت أيام غزة الصعبة تلك الحرب التي مازالت سجلات المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان عاجزة عن حصر عدد ضحاياها. الأيام ذاتها شهدت أيضاً معركة الفراق بين الضفة وغزة، بوقوع الانقسام بين حركتي فتح وحماس، وسيطرة الأخيرة على القطاع بالقوة العسكرية. في كل يوم يعيش الغزيون فصولاً مختلفة من الألم والمعاناة، تتضاعف على وقع أحداث مفاجئة قد يشهدها القطاع. والغزيون على استعداد لفعل أي شيء للتخلص من الجوع، فاقتحموا الحدود المصرية في العام 2008، وانتشروا في سيناء ورفح المصرية بحثاً عن لقمة العيش، لينتقل القطاع بأكمله إلى الأراضي المصرية، ومن ثم يعود الأهالي إلى الحصار من جديد، بعد أن حصلوا على مخزون وفير من المواد الغذائية. لكن كان لا بد لهذا المخزون أن ينفد يوماً ما، ليبتكر الغزيون فكرة الأنفاق لتهريب البضائع من مصر. قتل الكثيرون خلال عمليات التهريب التي تحولت بالنسبة للبعض إلى تجارة رائجة لاستغلال حاجة الناس، لكن سكان غزة يخشون اليوم ما هو قادم، فالأنفاق لن تبقى إلى الأبد، بعد أن قررت مصر إقامة جدار فولاذي على طول حدودها مع غزة، وما هو باق ليس أكثر من معابر إسرائيلية مغلقة. وللذكريات الأليمة صداها في غزة، وإحياء ذكرى مرور ألف يوم على الحصار يجد صداه لدى شريحة كبيرة من سكان القطاع والمؤسسات المعنية بالمقاومة الشعبية، حيث تعكف اللجنة الشعبية لكسر الحصار على تجهيز ساحة الجندي المجهول، والتي ستشهد إشعال 1000 شمعة، بينما يرفع المشاركون شعار «كفى ألف يوم حصار.. الحرية لغزة». واعتبر الدكتور جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار عن غزة في تصريح ل «أوان» أن القطاع عاش خلال الألف يوم الماضية ويلات كثيرة، فيما لم يحرك العالم ساكناً إزاء الحصار، ولم يتم التحرك إلا من خلال حركات التضامن الدولية التي أرسلت سفنها وقوافلها الإغاثية إلى غزة، لتصلها بصعوبة. ودعا الخضري الشعوب العربية إلى المشاركة، كل في بلده، في فعاليات إحياء ذكرى مرور 1000 يوم على الحصار، خاصة أن الأوضاع في غزة في غاية الصعوبة، حيث مازالت آلاف العائلات تعيش في الخيام وفي بيوت آيلة للسقوط بفعل الحرب الإسرائيلية. يذكر أن إسرائيل أعلنت بعد حصارها غزة أن هدفها هو إسقاط حكم حماس بأي طريقة، أو على الأقل جعل الحركة تستجيب لمطالب تل أبيب، والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. لكن مطالب إسرائيل لم تتحقق، وما أنجز هو تجويع السكان. واتهمت حماس بأنها كانت السبب في تجويع الناس، بعد سيطرتها على القطاع. كما تحمّل فتح حركة حماس جزءاً من مسؤولية الوضع الراهن، بسبب رفض الأخيرة التوقيع على الوثيقة المصرية للمصالحة. وتتهم فتح حكومة إسماعيل هنية بعدم المبالاة إزاء ما يحدث للسكان هناك، بينما قادة حماس يعيشون مرفّهين.