تصاعدت في الأيام الماضية حدة النقد من سوء النظافة في الطائف ؛ حيث أصبحت شوارع المدينة تعج بالمخلَّفات ؛ الأمر الذي حدا بالمجلس البلدي في المحافظة إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة هذا الموضوع. ولقد تطرقتُ في مقالة سابقة عبر هذه الصحيفة إلى تردي النظافة في محافظة الطائف ، وأشرت إلى اعتراف صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية بالتقصير في نظافة الطائف ، ومطالبة سموه بحل هذه المشكلة ، لكن بقيت المشكلة تكبر يوماً بعد يوم ، حتى أصبحت مشكلة عامة ، تُنذر بانتشار الأمراض والأوبئة نظراً لما تشكِّله من خطورة على صحة المواطنين. إن التقصير الذي حدث له مسبباته ؛ فالعمال يشتكون من عدم استلام رواتبهم منذ أشهر ، بالرغم من تدنيها! ما حدا بمعظمهم إلى الانشغال بأعمال خارج نطاق عملهم ، حتى يجمعوا مبالغ للأكل والشرب والعلاج ؛ وهذا الأمر جعلهم يتركون عمل النظافة ؛ فأُهملت الشوارع إلى درجة أن العامل يمر ليبحث عن علب وقِطع حديدية وكراتين فارغة ؛ ليجمعها ، ويقوم ببيعها ، وهذا الأمر لا يحتاج إلى إثبات ؛ فما نشاهده على أسطح سيارات النظافة وهي تجوب الشوارع يذكرنا بحملات الحج في الثمانينيات والتسعينيات ، عندما كانت سيارات (اللوري) تُحمل على جوانبها أغراض الحجاج في أكياس مربوطة لإفساح المجال داخل السيارة لركوب المسافرين. لقد نشر عدد من الصحف صوراً لمواقع مختلفة من المدينة ، بيَّنت حجم الزبالة المتراكمة في الحاويات وعلى جوانبها ، لكن -مع الأسف- فإن الأمانة لم تحرك ساكناً ، وكأن الأمر لا يعنيها ؛ فهي تذكرني بحكاية قديمة لأحد المزارعين ، عندما جاء بعامل ليحمي الزرع من مهاجمة الطيور له قبل حصاده ، فمر أحد الأيام والطيور تأكل الزرع لغياب العامل عن المزرعة ، فلم يحرك ساكناً ؛ فراه بعض المارة فانتقدوه على إهماله وعدم اكتراثه وحمايته زرعه ، فقال لهم : كيف أحمي الزرع وأنا قد دفعت أجراً لمن يحميه؟ فأضحك من حوله ؛ لأنه المتضرر وليس العامل. وهذا ينطبق على أمانة الطائف ، التي وُجِّه إليها اللوم -حتى من سمو الوزير- وكأني بها وهي تقول (لا أسمع ، لا أرى ، لا أتكلم). ------------------------------------------------- مدير مكتب صحيفة عكاظ بمحافظة الطائف (سابقاً) كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً).