أعود من جديد لموضوع كتبت حوله الكثير وأجدني من وقت لآخر مشدوداً للكتابة عنه كونه يشغل بالي كثيراً بل دون تردد أعتبره جزءا هاما من بناء الشخصية. الموضوع هو (الحوار) .. هذا الموضوع يشكل ركيزة أساسية من ركائز بناء الإنسان ، وكلما كان المرء يفهم معنى الحوار وفنه وأصوله كان يتمتع بمواصفات النجاح. أما من يردد كلمة (الحوار) دون أن يعي المعنى الحقيقي والأصول فهذا يعود للوراء كثيراً لأنه يمارس أمرا لا يعيه بل يمارسه بطريقة خاطئة. عندما نتحاور حول أمر ما فنحن نبحث إما عن معلومة أو حل أو رأي وبالتالي من يبحث عن هذه الأمور فعليه أن يتقبل ما يطرحه الطرف الآخر ، وإن كان تعدد الآراء هو إثراء لموضوع الحوار. للأسف الشديد معظم العرب يعتقدون أن الحوار هو انتصار وتعصب للرأي ، فتجد صوت المتحاورين يعلو وكأن كل طرف يحاول أن يقول للآخر رأيك خاطئ ورأيي هو الصواب. ومع تعالي الأصوات يهدر المتحاورون الوقت وتتوه المعلومة بل قد لا تصل للمتحاورين أو من يحضر الحوار وهنا لا يكون للحوار جدواه. العرب (معظمهم) يتحول الحوار بينهم إلى تناحر فيعلو الصوت ويتحول الحوار إلى تحدٍ أكثر منه تبادل رأي أو معلومة. أنا هنا أتحدث عن كافة المجالات، فالحوار العربي في السياسة والفن والاقتصاد والمجتمع والرياضة هو تناحر بين شخصين أكثر منه حوار بين متحاورين، ولذلك تظل قضايانا المختلفة معلقة وربما تزداد سوءاً. وفي الرياضة الوضع أسوأ بكثير ، فالمتحاورون لا يمثلون فكراً معيناً فحسب بل ربما يتعصبون لفريق معين يدفعهم في بعض الأحيان لإخفاء أو مغالطة معلومة ، وهنا تكون الكارثة أكبر ، فالمتلقي هو في غالبه مشجع رياضي ربما يكون في سن المراهقة فينقل المعلومة الخاطئة ويسندها لمن يعتبره مثالاً أو قدوة ويبني فكره على مغالطات. متى يعي المجتمع العربي أن الحوار هو الطريق الصحيح لبناء الإنسان ، ومتى بنينا الإنسان بنينا مجتمعاً صالحاً .. تعالوا لنتحاور لا لنتناحر.