ترقب الناس كثيرًا زيارة معالي وزير الصحة لمجلس الشورى لا ليقص عليهم القَصَص الذي يُريده، وإنما ليستمع إلى الأسئلة التي تتردد كثيرًا على الملأ الإعلامي، ثم ليُجيب عليها إجابة المدرك أنه مسؤول عنها، فهو أمام سلطة من سلطات الدولة، ولذلك اعتبر الشوري عبدالوهاب آل مجثل أن زيارة الوزير (لم تشفِ الغليل) لأنه باختصار لم يتطرق إلى المشكلات التي يعاني منها المواطنون، وهي نقص الأسرّة وضعف الخدمات الصحية. طبعًا ليست القضية من فاز ومن هُزم، ومن راوغ، ومن ورط.. القضية أكبر من ذلك بكثير وتخلص الوزير من الحرج عمدًا أو بغير عمد لا يغير من الواقع شيئًا، واستعراضه للأرقام جيد ومستحق، لكن يظل المواطن (الباحث عن خدمة ترتبط بصحته أو صحة قريب له) مشغولًا عن الأرقام والإنجازات إن صحت التسمية بما يحسبه حقًا واجبًا وخدمة لازمة. إنها صحة المواطن يا معالي الوزير، وهي أهم من كسب جولة أمام الشورى أو خسارتها. إنها صحة المواطن خاصة في مدن الأطراف، وفي جدةالمدينة الكبيرة والعروس القديمة. جدة يا معالي الوزير مثال على تأخر، بل وتراجع الخدمات الصحية، فعدد مستشفياتها قليل بالنسبة لعدد سكانها، ونوعية مستشفياتها بائسة مقارنة بما في العالم من حولها. ومكة المكرمة ليست أحسن حالًا كذلك. هل تعلم يا معالي الوزير أن بعض أطباء مراكز الرعاية الصحية يكشفون أحيانًا على أكثر من 100 مريض يوميًا، فتحت أي يافطة من الجودة تندرج هذه الخدمة؟ ولذا تبدو الأرقام في أحيان كثيرة مضللة، فرقم 55 مليون مراجع لمراكز الرعاية الصحية لا يعكس جودة ولا عناية مناسبة، وإنما هو تحصيل حاصل في الأعم الأغلب. وأقسام الطوارئ هي الأخرى رقم كبير (20 مليون) لكنه يعاني من سوء الخدمة، خاصة في الحالات الصعبة مثل الحوادث والأزمات القلبية والحالات الحادة الأخرى. لا بد من مؤشرات للجودة ولا بد من مرجعيات للمقارنة، ولا بد من تحسس مدى التحسن أو التدهور في نوعية الخدمة المقدمة، وليس فقط في عدد الذين يتلقون الخدمة. أعانك الله يا معالي الوزير وأعان كل طاقم الوزارة أطباء وإداريين وفنيين.