لا شك أن المبادرات الجميلة التي قام بها فرع جمعية الثقافة والفنون ونادي الباحة الأدبي لتأبين الفقيد الغالي الأستاذ علي بن صالح السلوك –يرحمه الله– والاستعداد بإعادة طباعة جميع أعماله وتسمية مكتبة الأدب الشفاهي باسمه , تثمن لهم لأنها تعكس درجة الوفاء لرجل نبيل يستحق ذلك بما قدمه للوطن من أعمال جليلة ومساهمات رفيعة في مجالات التاريخ والجغرافيا والتراث الشعبي والأنثروبلوجيا وغيرها ، نال معها الثناء والتقدير من كبار العلماء والمؤرخين من أمثال علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله ، وكذلك الأكاديميين والباحثين والمهتمين , فكانت أعماله الموسوعية الكبيرة شاهدة على حسن العطاء وصدق الانتماء .. فقد كان رجلا وطنيا صادقا ومخلصا ، أحب وطنه بدءا من قريته وقبيلته ومنطقته ووطنه الكبير وقد ترجم حبه بأعمال نوعية تستفيد منها الأجيال ، عصاميا صنع نفسه بنفسه مثقفا أشاد به الكثيرون , حيث تعد أعماله مرجعا للباحثين والدارسين في ذات الاختصاص ، وكان رياديا في الأعمال الإنسانية , فهو أول من بادر بتأسيس أول جمعية خيرية بالمنطقة وشارك في عضوية عدد من الجمعيات واللجان الأخرى من منطلق حرصه على أعمال الخير والبر والإحسان ، وهو رجل إدارة حاذق تدرج بنجاح في أعمال الإدارة بإمارة المنطقة حتى تبوأ مركزا مرموقا وكسب ثقة كل من عمل معهم من أمراء المنطقة .. لإخلاصه وتفانيه وحرصه على المصلحة العامة. ومع كل ذلك لم تشغله أعمال الإدارة والبحث والثقافة عن الأمور الاجتماعية والتواصل مع الأصدقاء ، تجده مشاركا كل أقاربه وأصدقائه وجماعته ومعارفه في أفراحهم وأتراحهم ، فله علاقات واسعة ومميزة مع الكثيرين داخل المنطقة وخارجها بل من خارج المملكة , لما يتمتع به من أريحية وطيبة ووعي ونباهة وحب للدعابة المهذبة وما جبل عليه من الجود والعطاء ، كريم في سجاياه نبيل في خلقه أصيل في تعامله ناصح في مواقفه سديد في رأيه حكيم في تصرفه. ولعلي أذكر ارتياحه الشديد عندما أبلغته برغبة جمعية الثقافة عندما توليت مسؤوليتها سابقا بتوثيق الأدب الشفاهي الشعبي وتوجيهه في هذا الجانب ، وكان من أوائل المشاركين في البرنامج ، وتمت استضافته عدة مرات -قبل أن يصدر موسوعة الأدب الشعبي- لما يمتلكه من مخزون شعبي هائل ومعه الأستاذ الفاضل سعيد بن عثمان حفظه الله ، وكانت تلك المواد المسجلة محفزا لتشكيل جماعة أصدقاء التراث بالمنطقة والتي حصلنا فيما بعد على الموافقة عليها من سمو أمير المنطقة السابق يرحمه الله وذلك عام 1428ه ، وقد خوطبت بعض الجهات في المنطقة لتفعيل دور الجماعة والتعاون معها لتحقيق أهدافها ، والموافقة أتت في فترة مرضه الذي ندعو أن يكون له أجرا وطهورا. ولئن قامت بعض الجهات مشكورة بتكريمه بعد وفاته فقد نال تكريما في حياته على مستوى المملكة والمنطقة , وهو حقيق بذلك , جدير به ، وندعو الله العلي القدير أن يكرمه بجنات النعيم وأن ينزله منازل الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. -------------- كاتب وإعلامي والرئيس السابق للمجلس البلدي بالباحة.