المحاولة ، أي محاولة تستهدف تقييم العمل المختص برياضة كرة القدم السعودية لابد أن تنطلق أولاً وأخيراً من عمق الحياد والموضوعية ، إما أن تتمحور وترتكز كالمعتاد على مثل تلك النظرة السوداوية ، فلا يمكن لها أن تصل إلى حيث التشخيص السليم الذي قد يسهم ويساهم في إيجاد الحلول والمقترحات التي تحتاج لها هذه الرياضة لكي تعود إلى مكانتها المرموقة سواء على صعيدها الإقليمي أم سواء على صعيدها القاري. سنوات مضت والنظرة صوب الرياضة نظرة سوداء ، فالكل ينتقد والكل يغضب والكل يمارس من ثرثرة الكلام المباح ونقيضه ما كان كافيا للتأثير سلبيا على ذائقة المحب لكرة القدم والعاشق للرياضة ، هذه النظرة إن دلت فإنما تدل على أن التركيز على الانتقاد لمجرد الانتقاد ليس أكثر من محاولات بائسة من يتمسك بها هم فئة لاتملك الحلول بقدرما تملك فقط الحديث أيا كان الحديث .. هكذا فقط لملء الفراغ وخلق النوع المطلوب من إثارة عابثة لا تسمن ولاتغني من جوع. بين التفاؤل والتشاؤم ، بين المنطق والعاطفة ، بين المرفوض والمقبول .. هاهي المحصلة النتائجية على امتداد سنوات مضت تؤكد أن كرة القدم السعودية تحتاج لمن يقدم لها الحلول لا إلى من يزيدها وهناً بكلام هابط وردة فعل طائشة ليس لها قيمة إلا في أذهان من يؤمن بأن إثارة الجمهور تعد بطولة. هاهي اليابان اليوم تقدم لنا الدرس البليغ في كيف يجب أن يكون عليه التطوير. عمل منظم بهذا الشكل يجب أن يرغم القائمين على منتخباتنا للوقوف أمامه حتى يتمكنوا في استحضار أدوات التصحيح التي قد تمنحهم هذه المرة فرصة حقيقية لتحسين الأوضاع .. لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أي إخفاق قادم لن يصبح مقبولا ، ولن تفيد أمامه التبريرات، كون الجمهور السعودي وصل إلى مرحلة لم يعد بإمكانه أن يرى منتخبه مريضا وواهناً لايستطيع أن ينهض من أعراض السقم التي وجد فيها نفسه مرغما. المشكلة ، ونحن نتحدث عن هذا الواقع الذي اختلطت فيه كل الأشياء .. استمرت طريقة العمل المعنية بالمنتخبات على ما كانت عليه قبل سنوات ، ولهذا طالما أننا نكرر ذات المنهج وذات الأسلوب والطريقة ، ففي الاعتقاد السائد أن النتائج القادمة لن ترقى إلى ما يتطلع إليه الجميع بقدر ما ستكون هي الامتداد لسابقاتها. فنيا الكرة السعودية تملك وتمتلك المواهب ، لكنها تفتقد البنية التحتية السليمة والمناخ الصحي ، ذلك لأنه وبرغم كثرة المواهب إلا أن هذا الجانب ليس كافيا ولن يصبح كافيا .. وبالتالي لابد أن تكتمل منظومة العمل بشموليته ، هذا الاكتمال يتطلب التنازل عن المكابرة والاعتراف بأن هؤلاء الذين قادوا مهام المسؤوليات الرياضية هم أقل بكثير من المأمول ، وبالتالي فقد آن الأوان للتغيير وضخ الدماء الشابة المؤهلة التي تستطيع أن تتعلم من الدرس الياباني ما يكفيها لوضع روزنامة عمل مختلف تكون نتائجه مثمرة للكرة السعودية ومنتخباتها ، فهل نستطيع القيام بذلك؟ لا أعلم الجواب الذي يتجاوز علامة استفهام السؤال المطروح ، لكنني قبل الجواب أتمنى أن تكون نظرتنا نظرة منطق لانظرة عاطفة وإثارة وسواد .. وسلامتكم.