ولد يمشي في (المسراب) .. رايح المدرسة .. يلبس ثوب مبرم مافيه (بناقة) .. ويلم تلابيبه مشبك كبير يحك في (كربته) .. في أرجوله يلبس زنوبة .. وعلى رأسه تتدلى عمامة لفت حول رقبته بعناية. في كتفه الأيمن يحمل (خبى) حط الكتب فيه والمجلده بورق سمنت حيث ثبت بغراء من شجرة الطلح . وبجنب الكتب قارورة حبر فيها سكر وجنبها (شتفة) خبزه فيها ريحة الملة والرمادة. الولد يمشي بسرعة .. أرجوله ما توقع في الأرض كأنه في سباق الألعاب الأولومبية .. أنفاسه تتلاحق ودموع تلحظ فيها الخوف والرعب .. يكلم نفسه .. كل الأولاد أفلحوا ما بقي الا انا .. (حفدت بقعا) .. بين الطلح يلقى شيبة .. يقول ميده .. لا تبكي يا دمعان .. كلها (مرطة) ولا مرطتين .. يشعر بان الكل ضده .. وحتى الشوك يشعر بأنه يوجه له وخزات حادة في قدميه يقترب من المدرسة .. يمشي في معرض بجوار المدرسة مخصص للعب والعرضة .. يسمع دقات قلبه .. جسمه يرتجف .. وعند ركن المدرسة .. يسمع صوت غليظ .. هاه رقدت يا خميران . ويشحطه بذاك المطرق .. يدخل الفصل يردد أشوى. وما إن يدخل الفصل .. المدرس حط (خباك) وتعال عند السبورة. أكثر حركة في الفصل بين الطلاب هي حركة العيون .. ولو تجرأ احدهم وتحرك من مكانه أو تكلم فسوف ينال منه مطرق (الأركوض) في رأسه أو مؤخرته كنوع من العقوبات التي يرى فيها المعلمون أنها الطريق الصحيح للتربية والتعليم .. أو تنفيس انفعالي للمعلم الذي (تزقم) من كهلته مع الفجر قبيح الكلام .. االمدرس يكلم الولد .. اعرب يا ولد : أكل الحصيني الدجاجة واحد من الطلاب : دجاجة من يا أستاد ؟!!