حينما عُيّن صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود أميرًا لمنطقة الباحة ، وجّهتُ له عبر هذه الزاوية رسالة ، تجرّأتُ فيها -من دافع المصلحة الوطنية- وكشفتُ له جانبًا ممّا يدور من أحاديث وملاحظات حول أداء وممارسات بعض المسؤولين في الإمارة ، والأجهزة الحكومية. وقلتُ حينها: إن المنطقة تحتاج إلى ورشة إصلاح إداري تبدأ بالإمارة. ونبّهتُ إلى خطورة استمرار عصابة الصكوك ، الذين تخصصوا في تحديد مسارات مشاريع الطرق وتعديلها ؛ لتمر بأراضٍ يستطيعون تملّكها بصكوك مشبوهة ؛ للحصول على التعويضات! وقد هاتفني سموه –آنذاك- مشكورًا ، وقال لي: (إن جميع ما طُرح في الرسالة سيكون محل البحث والاهتمام). واليوم .. وبعد مرور عام ونصف على مباشرة سموه لعمله بالباحة ، لا حديث للناس في مجالس المنطقة إلاّ ما تقوم به اللجنة الوزارية العُليا المشكّلة من المقام السامي الكريم للتحقيق مع المتّهمين في قضية الصكوك ، والمخططات المشبوهة ، التي قُدّرت بأكثر من تسعين صكًّا تصل قيمة التعويضات فيها إلى أكثر من نصف مليار ريال. كان يمكن أن يصرفها متنفّذون من خزينة الدولة ، بدون وجه حق. فيما ظل البعض من تلك الأراضي عقبة كأداء في وجه مشاريع أخرى حُرمت منها المنطقة بسبب تضاعف تكاليف التنفيذ إلى عشرة أضعاف ، بسبب الاستيلاء عليها بملكيات مشبوهة ، بهدف الاستفادة من التعويض. • الكل في منطقة الباحة تغمره السعادة ، وهو يرى العدالة تأخذ مجراها ، والمساءلة تطال الصغير والكبير ؛ حتى وصل عدد مَن تم استجوابهم حتى الآن أكثر من 120 شخصية ، وآخرون ينتظرون دورهم للتحقيق ، بينهم أسماء يقول المطّلعون على الأمر أنها ستكون مفاجأة. • إن ما يجري في الباحة حاليًّا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عزم القيادة الحكيمة على محاربة الفساد ، ومعاقبة المفسدين بمختلف مستوياتهم ؛ حتى يرتدع كلُّ مَن تسوّل له نفسه العبث ، واستغلال النفوذ ، وتغليب المصلحة الخاصة على المنفعة العامة ، ليس في الباحة وحسب ، بل في كل المناطق. • بقي أن أشيد بالخطوات التصحيحية الجريئة التي يقوم بها سمو أمير المنطقة داخل جهاز الإمارة ، والمنهج العلمي المتّبع حاليًّا في الإشراف على المشاريع ، وأداء الإدارات الخدمية ، والارتقاء بالجانبين التنموي والسياحي في المنطقة بشكل بارز ، وملموس. مع دعائي له بالتوفيق والسداد.