*بعد وقف نشاط استدعاء (جن العُليّان) .. اتجه فوز القرية .. على القرى المجاورة .. نحو مجالات فوز أخرى .. بخلاف مجالات كرة القدم كنتيجة .. انتهى صيت (جن العُليّان) من عقول أجيال القرية .. الأمر يعود لنجاح مجالات الفوز الجديدة .. يرجع الفضل للمدرس القدير .. غيّر مجرى نهر فكر القرية في لحظة تاريخ مجيدة في زمن فجر التهيئة للمستقبل نهى عن استدعاء (جن العُليّان) وجّه إبرة البوصلة بكاملها نحو مكامن العقل بعيدًا عن هذيان اعتقادات و(خزعبلات) سيطرت على العقل في زمن الغفوة التاريخية للعرب. *انعزلت القرية لقرون عديدة بعيدًا عن حضارتها وبطولاتها مع مدّ التاريخ الإسلامي حيث عبرت القرية (الطّلقيّة) برجالها مع الفتوحات الاسلامية إلى جميع أرجاء الدنيا لم يعودوا .. لكن ظلت في مكانها بقي مَن يمثل جند الله الفاتحين ، وكان لهم فضل استمرار حياة القرية .. نحن أحفادهم نترحّم عليهم ولنا فيهم القدوة الحسنة ظلت جذورهم بفروع صغيرة .. تُمسك بالأرض وتعانقها .. استلهام الأمجاد يورق بالأجيال نحو المستقبل حتى وإن كان كامنًا في العقول وجاء من يحرّك شوكة الميزان لصالح العقل مدرسة (الطّلقيّة) الابتدائية قامت بهذا الدور .. تمّ افتتاحها مع بداية الستينيات من القرن الماضي الميلادي .. كانت بداية النور المُسطّر في القرية. *مع افتتاح المدرسة وصل الاستاذ (سعد) وفي لحظة انتظار شاهد مشهد استدعاء (جن العُليّان) .. لم يُقاطع المشهد ترك الجميع يمارس الاعتقاد الذي يدّعي وبفخر استدعاء الجن .. للعب كرة القدم مع فريق القرية وفي لحظات أخرى تحدّث مع أهالي القرية .. نقل إليهم الرأي (هذا شِرك بالله) .. تلقّى الجميع الرأي بترجيح كفة العلم .. ثم توقّفت تلك الممارسة .. حلّ فكر التغيير برؤيا جديدة كانوا في الانتظار منذ قرون عديدة .. كان ذلك غرس الاستاذ (سعد) في عقول ونفوس أجيال القرية .. ومنهم طلابه بعقولهم الطرية .. استاذ غيور ومُخلص كان من قرية أخرى بعيدة .. لكن البيئة تجمع الكل في تجربةٍ مشتركة لها معايير .. الاستاذ (سعد) لم يكن جامعيًا خريج معهد بعد الابتدائي أصبح مدرسًا يؤدي رسالة .. كان مقتنعًا بأهميتها كنتيجة .. كان مؤثرًا ومربيًا .. استطاع ان يحقق انجازًا اقرب إلى الخيال .. وجّه دفّة نشاط شباب القرية إلى مجد لم يتخيّلوه ولم يتوقعوه. *قرية ضيّعها التاريخ ونسيتها الأحداث على رأس قمم جبال شامخة .. كشموخ نفوس أهلها ... بيوت صخرية قليلة العدد .. لا تزيد على (50) بيتًا .. برجال ونساء هذا عمّ .. وهذا خال .. وهذا ابن عم .. وهذا أخ .. وهذا والد .. هكذا يشتركون في جذور واحدة .. يتناثرون على أديم بقعة من الأرض .. أصبحت جزءًا من شرفهم وكرامتهم وكبريائهم .. تربطهم حاجاتهم وتحكم قفل ثغرات أوجاعهم .. الغذاء والكساء شغلهم الشاغل .. وأمنهم الذي ينشدون يحققونه بوحدتهم القوية كنتيجة .. تحوّلوا إلى قوةٍ واحدة .. وقبضة يدٍ واحدة .. ومصير واحد .. وفكر وتطلعات وآمال واحدة .. وهذا ما جعلهم كيانًا صاغيًا لنصيحة الاستاذ (سعد). *ثم ماذا؟!.. بفضل الله .. ثم بفضل تلك المدرسة .. وبفضل نصيحة الاستاذ (سعد) .. تحوّلت القرية إلى جامعة .. نعم إلى جامعة .. بكل ما تعنيه الكلمة من ملامح علمية وأكاديمية .. أصبح أفراد فريق القرية لكرة القدم علماء .. نعم ذلك الفريق الذي انتهى بسببه نشاط (جن العُليّان) .. أصبحوا علماء .. قرية تحوّلت إلى صرح علمي غير مألوف (7) من أبنائها يحملون درجة الدكتوراة .. يعملون جميعهم في الجامعات السعودية متخرجون في أرقى الجامعات العالمية هؤلاء يمثلون عطاء علم ويؤكدون انجاز دولة .. [د. حامد بن صالح ، د. عبدالرحمن بن حامد ، د. منصور بن احمد ، د. أحمد بن عبدالله ، د. محمد بن عبدالله ، د.عبدالله بن فرحان ، د.محمد بن حامد ، ومنهم (15) يحملون درجة الماجستير ، وعشرات يحملون الشهادات الجامعية ، منهم العسكريون بجميع الرتب ، والمهندسون ، والأطباء ، والمدرسون ، ورجال الأعمال ، والقضاة ، والمحامون ، ومنهم لاعب كرة القدم الدولي (عمر الغامدي) .. ومن أبناء القرية أيضًا القاضي احمد بن صالح (رحمه الله) ، كان رئيس محاكم المنطقة الشمالية. *هكذا أصبحت القرية .. وفي اجتماعات أهلها في العطلات الصيفية .. لا يختلف مجلس القرية عن المجالس العلمية في شيء .. علماء وإنجازات وقدرات وأفكار وتطلعات والأجمل أن الجميع ما زال يذكر بكل خير الاستاذ (سعد) .. ومعه بقيّة الاساتذة في تلك المدرسة الابتدائية .. ما زال عطاؤها مستمرًا .. كبر كاتبكم .. وعرف أن الأستاذ (سعد) هو (سعد بن أحمد) .. ثم عرفت أنه قريب لسعادة الدكتور سعيد عطية ابو عالي ، مدير التعليم بالمنطقة الشرقية سابقًا .. أرجو أن يوفقنا الله لتكريم الاستاذ (سعد) .. قبل عودة (جن العُليّان) للاحتفال ب(سنة رابعة ثانوي).