قال الشيخ صالح بن عواد المغامسي إمام وخطيب مسجد قُباء: إن على طالب العلم أن يتعوّد إعمال عقله في الأدلة والأحكام، وأن يتجنّب التقليد الجامد دون النظر في الدليل، نافياً أن يكون لغير القرآن والسنة قداسة. ودعا المغامسي في محاضرة له بالجامعة الإسلامية بعنوان «العقل والنقل» ضمن برنامجها الثقافي حضرها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن ماجد ومعالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا، دعا إلى تعليم الطلبة ملكة الفهم منذ نعومة أظفارهم في المدارس وفي الجامعات، من خلال تمكنهم من علم الآلة، وعرض المسائل المتشابهة والمتناظرة عليهم، وقال إن الأئمة الأربعة إنما سادوا في الأمة بما آتاهم الله من بصيرة في النظر في كتاب الله تعالى مع الفقه، فليس الأمر مقصوراً على الفقه، بل جمع الفقه والاستنباط. وأرجع سبب إخفاق الطلاب في تحصيل ملكة العقل إلى أسباب منها الفرار مما وقعت فيه الفرق التي غلبت العقل كالمعتزلة خوفاً من التشبه بهم، والتركيز على الحفظ في المنظومات العلمية، كالمقولة الباطلة «فاحفظ فكل حافظ إمام»، إذ لا بُدّ أن يجمع الإنسان مع الحفظ مَلَكةً عقلية ولا يعقل أن الأمة يمكن أن تتقدم بمجرّد حفاظ. وقال المغامسي: إن كثيراً من رسائل الماجستير والدكتوراه تقتصر على نقولات عن علماء أجلاّء كابن تيمية وابن القيِّم وليس للباحث فيها نصيب من النظر والاستنباط، مذكّراً بأن ابن تيمية وابن القيّم أدركا علماء أجلاّء ولم يقبلا أن ينقلا لنا ما أدركاه دون فهم، بل أعملا العقل وفق ضوابط الشرط في القرآن وفيما صح من الحديث، مضيفاً: «الآن تقول المقولة فيأتيك الصغار يقولون من قال هذا قبلك؟ ولو كان هذا الاعتراض صحيحاً لانطبق على كل من قبلنا، والقول بأن باب الاجتهاد قد أغلق يحطّم العقل». وعن علاقة العقل بالمسائل الغيبية قال المغامسي: إن الغيب لا يعرف بتجربة ولا بحث ولا سلطان للعقل على الغيب البتة إلا بالتسليم، فالمعتزلة من سفههم حكّموا العقل في أسماء الله تعالى وصفاته وجعلوا العقل يحسّن ويقبّح، مؤكداً أنه يستحيل أن يتعارض الصحيح المعقول مع الصريح المنقول، وقال : إن العلاقة بين العقل والنقل ليست علاقة تناقض كما قد يقع في ثقافات الغرب، فالذي يناقض العقل هو الجنون، والذي يناقض الوحي أقوال البشر، ولكن العقل والغيب يعضد بعضهما بعضاً. وأكد أن العقل يُسلّم بالنقل ثم يتنحّى، أما المسائل التي تعبدنا الله بالفهم فيها فيأتي العقل ويتفقّه حتى يكون للعلماء دور كما قال تعالى: «لعلمه الذين يستنبطونه منهم» ولو لم تكن لهم عقول لما استنبطوا، فالحضارة الإسلامية السابقة مبنية على نص الوحيين كتاب الله وسنة نبيه، فثمت أمور لا يمكن أن يكون للعقل فيها سلطان وثمت أمور لا بد من إجراء العقل فيها، موضحاً أن النقل هو الأصل والعقل يدلّ عليه ويعضده، معتبراً أن النقل المعتمد هو القرآن وصحيح السنة، أما غيرهما من الأقوال فلا يلزم منه الصحة ولا القداسة إلا بقرينة تؤيده.