تشعر ببركان مرارة يتفجر في حلقك وأنت ترى المفارقات، وخلفها من يسوغها ويبيحها، فتجد من يدافع عن ساهر؛ لأنه قلص عدد الحوادث، ثم يلتفت بنقده لمنتقدي ساهر على اعتبار أنهم أناس يريدون أن تشيع الفوضى ويستلذون برؤية الدم الحرام مسكوبًا على الطرقات، متجاهلاً أن منتقدي ساهر لم يشيروا من قريب ولا من بعيد للضبط المروري والنظام الذي يفرضه، رغم أنه يستخدم أقصى العقوبات المالية ويربيها على غير المتبع في الدول المتقدمة التي يُقلّدها ساهر، والتي هي في الأساس تنعم بنعمة التخطيط القديم السليم، فكانت بيئة مناسبة لرصد كاميراته، وكم نادينا بتكثيف الكاميرات ورصد كثير من الجرائم في الشوارع والأحياء من عمالة غير نظامية واعتداءات على الطفولة وعلى المال العام، لأننا لسنا ضد النظام، لكننا ضد أن يربي ساهر غراماته، وقد أفتى سماحة مفتي عام المملكة بحرمة الربا في غرامات ساهر، ومن ناحية أخرى -لا تقل أهمية- نحن ضد دخول شركات خاصة في جني أرباح ساهر، حيث يجب أن يكون ساهر حكوميًا مائة بالمائة، وغير ربوي، وتذهب غلته لإصلاح الطرق أو توظيف المواطنين، أو دفع تعويضات للمتضررين من الحوادث المرورية التي لم يستطع منعها، فلماذا لساهر المكاسب وليس عليه أي واجب؟! بل يذهب ريعه لهوامير تراكمت شحوم المليارات على مشاعرهم، وتضخمت كروشهم حتى لم يعودوا قادرين على النظر للمجتمع وشبابه إلا على سبيل مص الدماء والاستغلال، ثم يأتي حافز الذي قصّر الأمر الملكي الحقيقي بالتنفيذ الفوري دون شروط غير منطقية، فجعل بشروطه العجيبة لاعب الكرة الذي يتقاضى شهريًا مئات الألوف وسنويًا ملايين الريالات يحق له التقديم لحافز، والعاطل المتجاوز للسن الذي رتبه أولو حافز -وليس ولي الأمر- أو من تنطبق عليه الشروط وتعرض عليه وظيفة ويرفضها لا يستحق إعانة حافز، على أن الوظائف التي يعرضها هي من نوع (ابتسم للكاميرا الخفية)، فحافز يعرض على خريجي إدارة الأعمال بمرتبة الشرف الحاصلين على دورات من أمريكا وكندا أن يديروا أعمال (الخردة)، ويقضوا الصباح والمساء في فرزها براتب ألفي ريال، فأي تعطيل للقدرات الوطنية يقوده حافز وأي حفز يمارسه حين يغلق الأحواش على هذه الكفاءات ليفرزوا له المسامير والعدد، بعمل لم يكلف به حتى السجناء المحكومين الذي يقيمون في سكن حكومي مجاني، ويُكلّفون الميزانية ربما أكثر مما يكلف العاطل ميزانية حافز، بقي أن أستشهد بحديث فضائي لمجيد العلوي وزير العمل البحريني حين تحدث عن آليات صرف رواتب للعاطلين في البحرين الشقيقة، حيث قال: إنها تصرف لهم على مدى سنتين، وتعرض خلال السنتين وظائف حكومية عليهم بشرط أن تكون ملائمة لمؤهلاتهم، فإن رفضوا ثلاث عروض حُجبت عنهم، فهل يُعلن حافز عن الوظائف التي عرضها ولمن عرضها في بيانات مكشوفة للملأ؟!