الإنصاف المراد به العدل والنواعم هن شقائقنا النساء ، ونعتهن بالنواعم ليس من معانيه الضعف. الثورات الناعمة هي التي أسقطت العروش التي عجزت عن إسقاطها الثورات القاسية في العقود الطويلة . وبعيدا عن السجالات الفكرية والإعلامية التي جعلت من المرأة وحقوقها ميدانا لتصفية حساباتها دون نتيجة في رفع معاناتها وإعطائها حقوقها. نحن حين نتكلم عن حقوق المرأة والظلم الذي يكون في حقها ، فإن هذا ليس بالكثير ولا بالهامشي لثلاثة اعتبارات : الاعتبار الأول : كون النساء يشكلن نصف المجتمع أو أكثر والإحصاءات لتعداد السكان في كثير من الدول تشير إلى هذه النسبة. فالحديث هنا عن ظلم قد يقع على نصف المجتمع أو أكثره بالغ الأهمية. الاعتبار الثاني : مكانتها في الشريعة ومنزلتها الرفيعة في الإسلام ، وقد ربط المعصوم -صلى الله عليه وسلم- الخيرية في الأمة بالخيرية للأهل ، فقال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) ثم إنه ، صلى الله عليه وسلم ، أوصى بالنساء خيرا ، وكذلك تجسد دور المرأة ومكانتها في هديه ، صلى الله عليه وسلم ، وتعامله مع المرأة بكافة مواقعها. الاعتبار الثالث : ما تعانيه المرأة من ظلم وهضم للحقوق في ظل تبريرات دينية واجتماعية ليست صحيحة. - تظلم المرأة أماً ، حينما تعق ويساء التعامل معها ، وهي من تعرفون مكانتها في دين الله ، ويكفي أن الجنة تحت قدميها. - تظلم المرأة زوجةً ، حينما ينظر إليها بعض الأزواج كأمة مملوكة أو خادمة في البيت وتعيش صنوفا من الأذى الجسدي والمعنوي والنفسي والمالي من بعض الأزواج الظلمة المتسلطين على شريكات حياتهم. ونسي هؤلاء أنها ربة البيت ومربية الأبناء وشريكة الحياة ، ولا أدري هل سمع هؤلاء بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لايكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم). ولطالما استدلوا باطلا بقوله تعالى (الرجال قوامون على النساء) ، فلووا أعناق الأدلة إلى أهوائهم نكبالظالمة ، لا إلى ما أراد الله من العدل والإحسان ، وهو القائل سبحانه (فلا تنسوا الفضل بينكم) ، وقوله (وعاشروهن بالمعروف) ، وقوله (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف). - تظلم المرأة بنتا وأختا ، بتجاهل مكانتها وهضم حقوقها وتسلط الذكور عليها لا لشيء إلا بحجة (أنا رجال وانتي بنت) وهي حجة أوهى من بيت العوت. - وتظلم المرأة ، حينما يغيب دورها في المجتمع ، ويهمش رأيها تحت نظرية (الرجال أبخص). ألم يعلموا أن المرأة كانت مستشارة عظيمة عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أمثال أمهات المؤمنين وبناته ، صلى الله عليه وسلم ، ويكفي في ذلك رأي أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية. ولو كن النساء كمن عرفنا=لفضلت النساء على الرجال - تظلم المرأة ، بالاحتقار والنظرة الدونية ، حتى أصبح اسمها عارا يستميت البعض في إخفائه تحت وطأة عاداتٍ بالية ، وتقاليد جاهلية لبست بلباس الدين -وسلوم القبايل- بينما في الواقع أن من نسائنا من هن فخر للأسر ، والدول والأمة أحياناً. - وتظلم المرأة ، حينما تسطح حقوقها وتختزل في جعلها سلعة للإغراء ، والابتذال الإعلامي والإعلاني ، وربما نزع حجابها وقيمها بحجة الحداثة والعصرنة ، لتبقى سلعة لأجندة فكرية رخيصة ، تجعل من المرأة وحقوقها مطية لنيل مآربها. يا أيها الرجال أنصفوا النواعم وأدوا الحقوق إلى أهلها.