ليس منا من لم يخطئ وهذا ما أكده نبينا وشفيعنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) لذا يستوجب من كل فرد منا أن يتوقع منه حدوث الخطأ أياً كان حجمه، لكن يبقى العلاج لذلك الخطأ قائماً وهو التوبة ومن هذا المنطق الشرعي العظيم استحضر الكثير من الحالات التي تحدث في مجتمعنا والتي اقترن فيها الخطأ بالفضيحة من قبل بعض الأفراد أو الجماعات وهذا بالطبع لا يتنافى أبداً مع مبدأ العقاب الذي يستوجبه كل مخالف أو خطاء لغرض التقويم السلوكي وتعزيره لكن أن يحول البعض ذلك إلى فضيحة بجلاجل، كما تقول العبارة المشهورة فهذا أمر مرفوض شرعاً وخلقاً وقيماً فالسترعلى مرتكب الخطأ أمر واجب في ظل وجوب محاسبته ، والسعي لفضيحته أمر نهانا عنه شرعنا الحنيف فالله سبحانه وتعالى عفو ستار فالستر أحد اسمائه العظمى جل وعلا وهو علام الغيوب وهو كاشف الأسرار سبحانه لكنه يستر على عباده ويعفو عنهم لكن البعض من عباد الله يسعى بكل ما أوتي من قوة بل ويجد الكثير من المتعة في ممارسة سلوك فضح المؤمنين وهذا بالتأكيد من عمل الشيطان وتحريضه. ولعلنا نعود إلى الحديث النبوي الشريف الذي أكد فيه على قيمه الستر على المؤمنين وعظم ذلك الفعل عندما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه ابن عمر وأخرجه البخاري في صحيحه: (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة». وبالعودة الى محاكاة واقعنا الذي نعيشه هذه الأيام نجد أن ممارسات سلوك الفضح أصبحت هي الغالبة على السلوك العام وخاصة في ظل تفاعلات حركة الإعلام الجديد الذي أصبح متوفراً في كل يد فرد منا وينتج عن ذلك الكثير من النواتج السلبية التي قد تودي بحياة البشر أوقد ترمي بمستقبلهم في غياهب الظلام وفي منعرجات الانحراف الفكري والاجتماعي والسلوكي ، وكم كان ألألم يعتصرني وأنا استمع لأحد البرامج الاجتماعية الرائعة التي تقدمها إذاعة ألف (ألف اف ام أأ FM) وكان محور الحديث عن الستر والفضحية وكانت الاتصالات على القناة تتدافع بكثافة كبيرة كل متصل يطرح شكواه ويبث ألمه من جراء ما ترتب على فضيحته من تداعيات حيث اتجهت بالبعض من أولئك الأفراد ذكوراً أوإناثاً الى الانغماس في متاهات المخدرات والانحرافات السلوكية والبعض إلى اعتناق الفكر الإرهابي المنحرف والبعض الى ممارسة سلوك الإجرام عندما وجد نفسه أو وجدت نفسها في حالة معراة أمام المجتمع المحيط، وهذا السلوك حتما لا يتفق أبداً وتعاليم شرعنا الحنيف الذي حث على الستر على المؤمنين وممارسة سلوك الإصلاح والنصيحة والتوجيه. ثم يأتي الأمر الذي يعد اكثر إيلاماً وهو أن ائمة مساجدنا وفقهم الله وهداهم نادراً ما يتطرقون لمناقشة مثل هذا السلوك الإصلاحي وأنا أشهد أنني خلال مراحل حياتي لم أسمع من أمام مسجد مناقشة مثل تلك القضية أبداً. وكم أتمنى سياسة الفضح المباشر وأن تناقش قضايانا تحت مظلة التعميم كما كان يفعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ثم يبقى الاجمل من ذلك أن تقوم أجهزة التعليم لدينا بتناول مثل هذه القضية في مناهجها وخاصة في الجانب التربوي إن وجد وأن تجعله سلوكاً يمارسه كافة منسوبيها بالمدارس والجامعات. ثم يأتي دور أفراد المجتمع في كبت سلوك الفضح واستبداله بسلوك الستر يكون مجتمعنا مجتمعا سوياً يستحق أن يكون مجتمع الفضيلة الذي ندعيه نحن ويحث عليه ديننا الحنيف والله تعالى من وراء القصد.