في 36 صفحة صدر للرسام والناشر الأمريكي وين بيل كتاب لن ننسى أبدًا الحادي عشر من سبتمبر – كتاب الحريّة للأطفال ، والكتاب عبارة عن رسوم أطفال يقوم الأطفال بتلوينها بحسب ما ارتسم في أذهانهم من مشاهد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، وما تليها من أحداث مرتبطة بها ، كما قدّمها الإعلام الأمريكي بترسانته الهائلة. تبدأ الرسوم بصور تدمير برجي التجارة ، وحريق البنتاجون ، وطائرة بنسلفينيا التي أسقطها ركابها في أحد الحقول الزراعية خارج المدينة ، وتنتشر صور النساء المنقبات والرجال الملتحين ذوي القسمات العربية ، وينتهي الكتاب بهجوم الكوماندوز الأمريكي على أسامة بن لادن في منزله واختبائه خلف زوجته. والكتاب لقي قبولا كبيرا من الأطفال فقد بيع منه بحسب تصريح المؤلف عشرة آلاف نسخة في الأيام الثلاثة الأولى ، كما لقي اعتراضا كبيرا من المسلمين الأمريكان الذين رأوا في الكتاب ترسيخا لثقافية الكراهية ، وتزويرا للحقائق لا سيما وأن المؤلف يسعى لتشكيل صورة نمطية في أذهان الأطفال عن المسلمين جميعا بدون استثناء بأنهم إرهابيون وأعداء للحرية ، فيربط الطفل بين المحتوى والصورة ، وينشأ جيل من الأطفال على كراهية كل المسلمين ، فجميعهم عند وين بيل متطرفون إرهابيون: (أيها الأطفال ، الحقيقة هي ، أن هذه الأعمال الإرهابية ، ارتكبها متطرفون إسلاميون يكرهون الحرية .. هؤلاء المجانين يكرهون طريقة الحياة الأمريكية لأننا أحرار ومجتمعنا حر). يفعل بيل هذا ودوائر الثقافة العربية والإسلامية تغط في سباتها العميق ، ودوائر الثقافة الغربية ومراكز بحوثها ، وصناع سياستها يطالبوننا بحذف آيات الله من مقرراتنا بحجة أنها تؤصل ثقافة الكراهية ، وتدعو للإرهاب ، وتعادي الآخر المختلف. ويجوب هؤلاء الساسة أقطار الوطن العربي والإسلامي مبشرين ومنذرين ، لفرض رؤيتهم بالقوة ، وصار لدى القوم حساسية من وصف الله لهم بالكافرين ، وأقنعونا بأن نكون حضاريين ونهذب هذا اللفظ ونقول مراعاة لمشاعرهم الحساسة: غير المسلمين. قد يقول قائل: كتاب رسوم للأطفال، لا ينبغي أن يثير كل هذه الضجة ، ولكننا نقول ، الخطورة أنه كتاب للأطفال ، والأطفال الذين يتربون على هذه الكراهية لكل ما هو إسلامي سيكونون قادة الفكر ، وصناع القرار في المستقبل ، وسيكون كل ما له علاقة بالإسلام مثيرا للاشمئزاز والاحتقار والإقصاء ، وهذا يفرض علينا أن نقدم لهؤلاء الأطفال ولغيرهم صورة نقية عن ديننا ، وقيمنا ، فالتطرف في كل مجتمع ، والغلاة في كل دين ، وفساد فهم الأفكار وسوء تطبيقها لا يعني أنها فاسدة بالقوة. إننا في كل يوم نسجل انسحابا من ثغرة حضارية ، فيتقدم الآخرون لملئها بما يناسب ثقافتهم ، ولا ينبغي أن نلوم الآخرين على عملهم ، ولا نلوم النائمين على سباتهم العميق. لقد آن الأوان أن نتجه لمخاطبة الناس في كل مكان ، بما في هذا الدين من محبة وتسامح ورحمة ، ولكننا لن ننجح حتى نكون قدوة صالحة في أفعالنا ، وستعتدل الصورة ، ونستعيد ما فقدناه من مكانة. ولو ألف بانٍ خلفهم هادم كفى فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم