أتحفنا الزميل الدكتور/ علي الحكمي في موقعه على الفيس بوك بصور من رحلة قام بها مؤخراً إلى بعض مدارس التعليم العام في اليابان ، ربما بحكم عمله في وزارة التربية والتعليم. ومن الصور يتضح أن المدارس هناك ليست حالة خاصة في البناء والتشييد والتجهيز ، فكل ذلك (مقدور عليه) متى ما توفر المال والإخلاص والهمة. لكن من قراءتي الخاصة للصور يمكن أن استنتج بصفة خاصة ما يلي: • إن وسائل التعلم والتعليم مطبوعة في كل مكان ، التقليدي منها وغير التقليدي ، فعلى سلالم الدرج مثلا ألصقت نواتج الضرب في 9 لتذكير التلميذ بجدول الضرب غدوة وعشيا. • وأما المعامل والمختبرات فليست خاملة ، وإنما هي وسائل محسوسة مباشرة للتعليم والتعلم حتى على مستوى المرحلة الابتدائية. وفي كل معمل عدد غير قليل من الفنيين والمعلمين الذين تبدو عليهم هم أيضاً دلائل الحماس والاهتمام المنعكسة على تلاميذهم. • وكذا حال قاعة الفصل ، الكل فيها مرتب مهندم يلبس ما شاء من بلوزات وقمصان وبنطلونات في حدود المعقول دون توحيد للزي ولا قائمة طويلة من المحظورات والممنوعات. إنه تنوع متجانس وإنها (عقول) كبيرة لا تنشغل بتوافه الأمور على حساب عظائمها. • وصور أخرى تظهر صبية صغارا يمسحون أرض المدرسة ويكنسون ما علق بها من أوساخ أو غبار. هم يفعلون ذلك عن قناعة وسرور ، فتلك تربية مغروسة منذ الصغر .. ترسخ معنى تحمل المسؤولية مبكرا وتنمّي الشعور بالشراكة في بناء المجتمع وإدراك أن الحياة أخذ وعطاء ... بذل دون منة، وخدمة دون حرج. هنا يتعلم الصغير فلسفة المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني القائمة على العمل التطوعي الخيري ، حتى لا تكون طارئة وجديدة بقدر ما هي استمرار لممارسة قديمة منذ الصغر. • وأخيراً ترى في تلاميذهم الشعور بأن المدرسة حاضنة جميلة ومكان ممتع يقضون فيه أجمل ساعات يومهم على عكس حال تلاميذ العالم الثالث الذين يرون في المدرسة سجناً يومياً يحلمون بالانفكاك عنها على عجل ، حتى إن بعضهم يتمنى سيلاً جارفاً أو غباراً مهلكاً كي يبقى في بيته بعيداً عن دار علمه.