قضية العصر الجاهلي نشطت في الآونة الأخيرة وطفت على السطح من جديد ، مطالبة عدد من النساء بمنحهن حق قيادة السيارة ، فبعد أن سمعنا عن تلك المرأة التي قادت سيارتها بالدمام ، سمعنا عن امرأتين بالرياض ، ثم سمعنا عن أكثر من امرأة بمدينة جدة ، وفي كل مرة نسمع فيها عن قيادة امرأة للسيارة نسمع في المقابل عن ثورة المعارضين لهذه المطالبة ، لقد أشغلونا خلال الأيام الماضية (وصدعوا رؤوسنا) بهذه القضية التافهة التي لا تستحق كل هذا التهويل ، فإذا كانت قيادة المرأة للسيارة محرمة شرعا فلتصدر فتوى تبين ذلك بالأدلة القاطعة ، وإذا كانت مخالفة أو جريمة فليصدر بشأنها قرار وزاري أو نظام جنائي ينظمها. أما أن تترك الأمور هكذا بين شد وجذب ، هذا يبيح وذاك يحرم ، هذا يجيز وذاك يمنع ، فهذه فتنه كبيرة قد تنتهي بكارثة ، وقد تصبح (السيارة) مثلها مثل (الناقة) التي تسببت في حرب البسوس !! قضية لا تحتمل التأخير: خمسة عشر عاما والأخت نورة الشهري إلى جانب 9000 معلمة من خريجات دبلوم تربوي من الكليات المتوسطة بأنحاء المملكة ، يبحثن عن قرار تعيين بوظائف تعليمية ، وعلى الرغم من حصول الكثير من هؤلاء الخريجات على شهادات خبرة في مجال التدريس ، وبالرغم من حاجتهن الماسة للوظائف ولمصدر دخل شريف يعينهن على مواجهة أعباء ومتطلبات الحياة الصعبة ، وبالرغم من طرقهن كل السبل والأبواب الرسمية ، إلا أن قرار تعيينهن لم يصدر حتى يومنا هذا ! فيما لا تزال وزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم تتبادلان إلقاء اللوم على بعضهما البعض وكل منهما يخلي مسؤوليتها في هذا الجانب فيما المعلمات لا يحتجن إلا لصاحب قرار وكلمة مسموعة ليرفع الظلم عنهن ويأمر بتعيينهن! قضية حياة أو موت: سبعة عشر عاما والسيدة صباح (أم محمد) تحارب هنا وهناك من أجل وقف نشاط محطة البنزين المجاورة لبيتها ، ومع أنها رفعت ما يقارب 18 شكوى لدى الجهات الحكومية تشتكي فيها من روائح بترولية تنبعث من المحطة عند تفريغ الناقلات لحمولتها ، مؤكدة بأن تلك الروائح الكريهة والمضرة تسببت في إصابتها وأبنائها وكذلك زوجها الذي توفى (رحمة الله عليه) بالعديد من أمراض الحساسية الصدرية ، إضافة إلى أن هناك تسربات بترولية إلى خزان مياة المنزل مما تسبب في إصابة أبنائها بأمراض جلدية ومع أن لديها كل المستندات التي تؤيد صحة مطالباتها ، ومع أن حادثة حلت قبل شهر تقريبا بنفس الشارع تمثلت في احتراق محطة بنزين كادت أن تنسف البيوت المجاورة ، إلا أن قضيتها هذه لا تزال قائمة ! ربما تحتاج السيدة نورة وبقية الخريجات إلى جانب السيدة صباح للفت الانتباه إلى قضاياهن الحيوية والمصيرية والتي تعتبر (قضية العمر) لكل منهن ، أن يبادرن إلى قيادة السيارة والتوجه بها إلى تلك الجهات المعنية التي يطالبن بحقوقهن من خلالها ، عندها سيرين من يصور لهن فعلتهن هذه بأنها الخطر الحقيقي والمحدق الذي يهدد أمنهن ومستقبلهن بل ويهدد الأمة بأسرها ، وأنهم على أتم الاستعداد لتذليل كافة المعوقات والصعاب من أجل تحقيق مطالبهن المشروعة ، مرددين: كله يهون ولا قيادة المرأة للسيارة !.