أمس تشرف أمير مكةالمكرمة برفع ملخص تقرير الأداء للمنطقة إلى سمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز أثناء رئاسة سموه لمجلس منطقة مكةالمكرمة. التقرير الذي سيكون في متناول الجميع ورقيا وإليكترونيا ، تضمن – وفق ما نشرت الصحف عنه – تفاصيل موسعة عما تم إنجازه في المنطقة من مشروعات وما هو تحت التنفيذ وما هو متعثر مع بيان أسباب التعثر ، وذلك خلال السنوات الأربع الماضية التي تشرف فيها الأمير خالد الفيصل بإمارة المنطقة. التقرير حتما ضخم بحيث ينسجم مع ضخامة المنطقة ، ولم أطلع عليه لكنني علمت أن الملخص الذي اطلع عليه الأمير نايف نحو 250 صفحة فإذا افترضت أن كل عشر صفحات من أصل التقرير تم إيجازها في صفحة واحدة من الملخص فإن صفحات التقرير تصل إلى 2500 صفحة تقريبا ، وقد تم عقد 48 ورشة عمل لإنجازه شارك فيها مئات من الباحثين والراصدين من أبناء وبنات المنطقة إضافة إلى المسؤولين في كافة الإدارات الحكومية في المدن والمحافظات والمراكز. هدف التقرير واضح فهو يجيء ضمن الرغبة في معرفة ما تم إنجازه من الخطة الاستراتيجية العشرية للمنطقة بحيث يكون جميع المسؤولين في المنطقة على بينة واضحة مما تم إنجازه وما هو تحت التنفيذ مع تشخيص أسباب تعثر البقية ، وذلك لمعالجة التقصير ودعم الإيجابيات وتحفيز الجميع لتقديم ما هو أفضل بنظام وانتظام أي محاسبة النفس أولا بأول. هذا هو الهدف الأبرز ولعله المقصود تحديدا، لكنني وجدت إضافة إلى هذا الهدف النبيل أن التقرير تضمن ثلاث رسائل أخرى قد لا تكون مقصودة لكنها أمامي واضحة، وقبل أن أعددها أود أن أقرر أن هذا أول تقرير من نوعه في تاريخ المملكة العربية السعودية ، وعندما أقول من نوعه فلأن هناك قطعا تقارير عن كل مشروع دائما وربما عن كل إدارة ، ولكن هذه أول مرة يقدم فيها مسؤول تقريرا عن أدائه خلال المدة النظامية لعمله ، والمحددة هنا بأربع سنوات لأمراء المناطق والوزراء ، إذ لم يسبق أن قدم أمير منطقة أو وزير تقريرا معلنا عن أدائه خلال مدة تكليفه بالإمارة أو الوزارة ، أما الرسائل الثلاث فأولها للقيادة ، ومضمونها الشكر والتقدير على الدعم المادي والمعنوي للمنطقة ، ثم طمأنة القيادة الرشيدة المتحمسة أن الدعم بشقيه وجد صدى تجلى في الميدان وفي حياة الناس بالحقائق والأرقام والصور ، وأنه ضمن هذا الإطار لترجمة دعم القيادة كانت توجيهاتها في محاربة الفساد والخمول هدفا سعت المنطقة ومازالت تجاهد لتحقيقه ، وأن التقرير القادم الذي سيتلافى القصور في كتابته وفي الواقع الذي ينقل عنه يعد بما هو أفضل وأجمل وأكمل. والرسالة الثانية لأبناء وبنات منطقة مكةالمكرمة لتقول لهم هذه هي منطقتكم كتاب مفتوح أمامكم أنت شركاء في التخطيط لتأليفه وفي جمع مادته معلومات وأرقاما وأنتم تحددون المقصر والمجتهد والنشيط والخامل ، وأنتم تضعون نقاط التنمية فوق حروف الإنجاز ، وأنتم الذين كتبتم وأنتم الذين تقرؤون ، ولدى كل منكم في متناول يده وعينه وعقله نسختان من التقرير: الأولى في مكتبته أو كمبيوتره يقرؤها متى شاء وينتقدها كيف شاء ويقدم ملاحظاته ومقترحاته حولها ولها بأي طريقة تناسبه ، والثانية في مدنكم ومحافظاتكم وقراكم ، أي في ميدان حياتكم فقارنوا بين النسختين ، انظروا للمُنجز وتمتعوا به بتحضر ومسؤولية ، وانظروا لما هو تحت الإنجاز وعدوا وراقبوا خطواته ، وانظروا للمتعثر وحللوا بموضوعية أسباب تعثره ، ثم انظروا للنواقص والسلبيات واقرؤوا الإستراتيجية العشرية فإن وجدتم تلك النواقص والسلبيات ضمنها فانتظروا مواعيدها وإن لم تجدوها فشخصوها وطالبوا بها ، فأنتم شركاء في إنجازها فقط تأملوا في أن شراكتكم تحملكم مسؤولية الدعم بكل ما تستطيعون ولا نظن أن أحدا لا يستطيع أن يقول كلمة طيبة ، فقولوها لكي ينتشي الناجح المجتهد فيستمر ويخجل المقصر الخامل فيتوارى ويعطي غيره الفرصة. أما الرسالة الثالثة فهي لعموم الناس في الوطن مسؤولين ومواطنين ، وهي تأتي ضمن شرح شعار (نحو العالم الأول) لتقول إن محاسبة النفس وإخضاع المسؤول والمسؤولية للغة الأرقام والمعلومات وإعلانها للناس المعنيين بها هي من أهم خطوات السير في الطريق الصحيح نحو ذلك العالم المبهر ، فهم لم يتقدموا عشوائيا ولم يبنوا تحضرهم على التخمين ، ولم يكلوا مسؤولياتهم على مجرد الثقة ، بل أخذوا جوهر ديننا وتعاليمه وطبقوها فحاسبوا أنفسهم وحاسبوا بعضهم بعضا وفق أنظمة واضحة معلنه فتلافوا الخطأ في حينه واستغلوا الإيجابيات ودعموها وطوروها حتى وصلوا ما وصلوا إليه من تقدم وتحضر ونظام، ونحن كمسلمين نعرف هذا الدرب قبلهم ، ولا داعي الآن لأن نقلب مواجع لماذا ولماذا ؟ دعونا ننظر للمستقبل ونضع خطواتنا على الطريق الصحيح ونمضِ ، وها نحن نضع أولى الخطوات وإن غدا لناظره قريب.