في مدينة جدة مشاريع كبيرة ومتوسطة ، جسور وأنفاق بعضها انتهى وبعضها مازال تحت التنفيذ ، وهذه الأخيرة لا شك مزعجة لسكان المدينة سيما وأن الشركات المنفذة لهذه المشاريع لا تهتم بالبدائل والرقابة عليها في هذا الجانب تكاد تكون معدومة تماما ، وهذا يتضح من السوء الشديد لحال الطرق البديلة أو الموازية لمواقع تنفيذ هذه المشاريع ، ومع كل ذلك فالناس يتحملون شوك هذه المشاريع أملا في شهدها المنتظر ، وهو شهد لا شك فيه ، والمشاريع التي انتهت تدل على ذلك حيث سهلت الحركة في مواقعها بصورة ملفتة ، لكن بعيدا عن مواقع هذه المشروعات يوجد في جدة ما يثير العجب الكبير والاستياء الشديد في وقت واحد ، فمع استثناء قلة قليلة من شوارع عروس البحر الأحمر لا يمكن أن تأمن في بقية شوارعها من سقوط مركبتك في حفرة أو هبوط أو مجموعة من المطبات التي تكونت بفعل الإهمال والتقادم وربما سوء التنفيذ أصلا ، وهذه الحال عامة في معظم أحياء وشوارع المدينة ، وتتضخم المشكلة والمعاناة حين تفاجئك هذه الحفر والمطبات في شوارع رئيسة لا تتوقع أن تجدها فيها فتكون وقعتك فيها أكبر وأضرارها على المركبة والنفس أعمق . الأمانة التي أعلنت أكثر من مرة أنها تراقب وترصد هذه الحفر والهبوطات والمطبّات بالأقمار الصناعية كانت وما زالت تتذرع بعدم وجود شبكة للصرف الصحي ، وهي محقة في عذرها هذا ، لكن ليس إلى أن تبقى تتفرج على حفر وهبوطات ومطبات لا تحتمل ، ولا تحتاج أكثر من ردم وسفلتة مؤقتين ، وبعد أن تنتهي شبكة الصرف وتشتغل تقوم الأمانة بالرصف والسفلتة الدائمة المعمرة . إن ما يشاهده الناس ويعانون منه في معظم شوارع جدة الفرعية والرئيسة أمر مخجل ومؤلم ولا يمكن احتماله تحت أي مبرر ، إذ لا مبرر له سوى الإهمال الواضح وغياب الأمانة عن واجبها في هذا المجال ، فالناس لا يطلبون منها سوى الصيانة السريعة البسيطة التي تخفف من هذا السوء الخطير في شوارع المدينة . وحتى لا يظن أحد أنني أتحامل على الأمانة فإنني أدعو كل من يظن ذلك أن يختار بصورة عشوائية أي حي من أحياء المدينة من الاستاد الرياضي جنوبا إلى المطار شمالا ومن البحر غربا إلى طريق الحرمين شرقا ، وسيرى بأم عينه ما لا يمكن وصفه من سوء الحفر والمطبات والهبوطات التي تصيح مطالبة بردمها بالتراب والإسفلت ، أما إن اتجه إلى الشرق حيث الشوارع والأحياء التي عانت من كارثة الأمطار التي مرت عليها بضعة أشهر فإنه سيتأكد أن جدة ليس فيها بلدية مطلقا ، أما إن اختار أن يتجه إلى شرق المدينة عبر كبري شارع الشيخ بن باز ثم يواصل شرقا فإنه حتما سيشعر أنه يسير في طريق بري من تلك التي لم يكن يسير فيها إلا (اللواري) قبل إنشاء وزارة المواصلات وقبل طرق التمهيد كما كانت تسمى آنذاك ، أي قبل عصر الإسفلت . أرجو من أمين جدة الدكتور هاني أبو راس أن يتغيب عن مكتبه يوم السبت القادم ويتجول في أحياء المدينة ثم يتجه إلى الشرق لعله يتأكد أن سكان جدة لا يشعرون بوجود الأمانة ، وأنهم على حق في إحساسهم هذا ، فالوضع مزر إلى أبعد درجة .