لم يتبق الكثير على الاستحقاقين الهامين اللذين يستعد لهما منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم ، فنهاية الشهر الجاري ندلف لاستحقاق إقليمي يمثل إرثا تاريخيا بحد ذاته من الناحية السيكولوجية للمنطقة والشعبية والجماهيرية أيضا ، فلكأس الخليج من المكانة والأهمية ما يجعلها بموضع (قيمي) أكثر مما هو فني (بصراحة) حتى إن المردود الفني لا يقارن بغيره من ناحية كيمياء التجمع والتقارب والتواصل بين الأشقاء ، أيضا الاستحقاق القاري الكبير الذي تنتظره آسيا بأكملها يمثل أهمية في جدولة استعدادات منتخبنا الأول. بيسيرو رجل المرحلة المقبلة لديه مهمة عمل غارقة بالأهمية ، فالرجل قد أخذ من الوقت اللازم للتحضير والإعداد بشكل كافِ وجيد منذ أن جددت الثقة به وباقي جهازه الفني لاستكمال مهام العمل الإشرافي على المنتخب في البطولتين القادمتين ، وهذا يعني مزيدا من الثقة والمسؤولية والتكليف ولا مجال للتفريط أو الإخفاق -لا قدر الله- وأعتقد أن فترة وجوده الماضية حتى الآن كافية لجعل الأمور في وضع «الاستتباب» النضج والوضوح. برنامج الإعداد وإن بدا ظاهره في بعض من جزئياته غريبا نسبيا من ناحية اللقاءات الودية التي أصبح يركز فيها السيد بيسيرو على الكرة الأفريقية (مع أن الاستحقاقين القادمين يقعان بين مطرقة الخليج وسندان آسيا) ، فظاهريا معظم اللقاءات التي خضناها كمنتخب تركز على اللعب الأفريقي وهذا جيد كاستراتيجية تحضيرية للاعبين من حيث القوة والاحتكاك خاصة أن اللاعب الأفريقي لاعب مهاري سريع ولديه القدرة على الانضباط التكتيكي والاندفاع البدني ولعب الكرة الشاملة التي تفيد عند مقابلة فرق أوروبية حيث تنجح معها نقاط اللياقة البدنية العالية. الأكيد أن تلك ستفيد منتخبنا في المحفل القاري وبالذات ضد (اليابان) وباقي فرق آسيا في المنعطفات القادمة ، وسيكون إيجابيا أكثر لو أن غانا تلعب أمامنا بكامل نجومها المحترفين حيث تعظم الفائدة الفنية وتتضاعف ، وإن كنت أرى أن لقاء أوغندا أقل من ناحية الاستفادة الفنية ، فالكرة الأوغندية متوسطة الحضور ومقابلتنا لها لن تضيف بقدر ما كان سيضيف لقاء ودي أمام منتخب أوروبي ، ولو نظرنا للكرة الأفريقية لوجدنا أن من أهم أسباب حضورها وتقدمها هو اهتمام الأوروبيين بها ومتابعتهم لها ولمنافساتها الدولية والمحلية أيضا وذلك لم يأت من فراغ بل من قائمة من الممتلكات السمراء تفوق ما لدينا، ذكرتها أعلاه ، كما أن اكتشاف الأوروبيين لهم ذو جذور تاريخية عميقة جدا. في الواقع البطولات السمراء أكثر تشويقا وإثارة من نظيراتها الآسيوية التي لا تجد الحرص والمتابعة والاهتمام سوى من أصحابها فقط ، بدليل الفرق الشاسع بين كم المحترفين من القارتين السمراء والصفراء في أشهر وأكبر الفرق الأوروبية كتشيلسي والريال وبرشلونة وليون ..، كما أن معظم البارزين الأجانب في دوري أبطال أوروبا هم من السود عموما ، أما نحن كرويا فسنبقى (عالما ثالثا) وقارة نامية وسنظل ، ما لم نقدم المهنية والاحترافية التي تعلو بنا إلى ما فوق أوروبا وأفريقيا.