أنظر باعتزاز إلى ذلك الرجل العصامي (دومًا) ، أتتبعُ فوح قلمه ؛ لأقطف من وجدانه حروفًا دانية. وأستمتع بفردوس روائع كلماته ، حروف كلماته كأنها الماء الذي يدخل بجذور النبات ، فتشرق زهور دنيانا بأجمل نبات. حروف مخملية مزملة بالوفاء ، والنبل ، والإخلاص. قاد جريدة الرياض وهو فارسها ؛ حتى أصبحت في أوج عزها ، متصدّرةً أغلب الصحف ، هي و (المدينة) كفرسين داخل مضمار السباق ، هما كمرآتين عاكستين للأحداث. هدفهما إيصال الحقيقة إلى أصحاب القرار ، دون تزييف أو احتقار. قرع نواقيس الذكرى بداخلي ، عندما تذكّر حال (المدينة) سابقًا ، وما هي عليه حاليًّا. أشكره من صميم قلبي ، فقد ترك لي مساحة أُعبّر فيها عن ما يجول بخاطري ، عن أولئك العصاميين بالمدينة. فهو كمن ألقى بسهم دافئ على شتاء قارس. ترك لي مساحة للتأمّل والتعايش مع أحداث الماضي والحاضر. ذكّرني بالأيام الخوالي ، عندما كان معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم -عليه رحمة الله- قائدًا لسرب المدينة ، وحوله صقور يحلّقون ليصنعوا جسورًا متوازنة بين القلوب الحزينة ، ونبض صاحب القرار ، ويسير بها إلى مقدمة الركب. كانوا يطاردون الزمن ، مسافرين بين نجوم الأحداث ، وأحلام الإصلاح. يضنيهم الرحيل ، وبُعد المسافات ، يصولون ويجولون في الأودية والشعاب من أجل خبر ، أو إظهار معاناة مواطن. ينتظرون لعلّهم يرتشفون من ضياء الإصلاح نورًا ، ومن إزالة المعاناة أجرًا. فساروا بالمدينة (الصحيفة) حتى كانت في أوج عزها. مرّت (المدينة) بمطبات هوائية ، وفرقعات مائية ، بعضها كانت قاتلة! لكن حنكة أعضائها كانت أقوى ، فقد اختاروا رجلاً ذا فطنة عالية ، وخبرة راسخة ، أرسى قواعد الأمان والحب بين موظفيها. فأعاد للمدينة تاريخها المجيد .. من جديد. كنتُ أتمنّى أن لا أذكر اسمه ؛ لأنه يفضل الصمت ، ويعمل بحب ، وبمهنية عالية ، لكني مجبر هنا لذكر اسمه .. إنه معالي الدكتور غازي عبيد مدني الذي يجعلك تطأطئ أمام دماثة خلقه ، وسعة اطلاعه ، يسانده في ذلك رئيس تحريرها الدكتور فهد آل عقران ، الذي له من الفطنة والخبرة الإدارية ما تؤهله إلى أن يقود صقور المدينة ؛ ليحلق بهم من جديد ؛ فاستقطب الكتّاب ، ونمّى قدرات المحررين بالدورات المتعددة .. يراودني سؤال أستاذي (هناك خلل فيما تنقله الصحافة من أحداث شبه يومية) .. تجد الصحف ، والكتّاب يكتبون عن معاناة المواطن .. ترسل آهات ومعاناة هنا وهناك ؛ لعلّها تعود بصدى إيجابي .. والسؤال: ما الذي ينقصنا .. هل الصوت؟ فإننا قدمناه ، أم الصدى؟ فإننا ننتظره ، أم شيء خفي بينهما..؟! لك تحياتي وتحيات المدينة.