للمزيد من الإيضاح حول ما يسمى بالمصرفية الإسلامية والفرق بينها وبين البنوك الذي تناوله الزميل الكبير الدكتور عبدالله الفوزان في مقالين متميزين ، أقول إن ما أشار إليه الفوزان في مقارنته بين بنكي الراجحي والرياض في مسألة الأرباح التي يتفوق فيها الأول تفوقا هائلا ، وقد أجملها الدكتور في الأرقام النهائية الكبيرة ، ولذلك يمكن إيضاحها على النحو التالي: السلعة أو السلع المعروضة للبيع في ما يسمى بالتورق سلع وهمية لا وجود لها إلا على الورق ، فحين يأتي المقترض يخيرونه: حديد ... ذهب ... سيارات ... الخ ، فيختار ثم يشتري على الورق وبعدها يبيع بسعر أقل بحيث يساوي الفرق بين قيمة البيع وقيمة الشراء النسبة التي يأخذها البنك أرباحا على القرض وهي في الغالب 8%على كامل المبلغ وكامل المدة ، والمقترض في هذه الحال يسدد كامل المبلغ. أما لو اقترض من بنك آخر –حرام – فإن الأمر واضح من بدايته وليس فيه لف ولا دوران ، فالمقترض يريد نقودا يسددها خلال فترة معينة والبنك يريد فوائد لكن ليست فوائد كاملة الدسم كما في حال التورق وإنما فوائد متناقصة ، فكلما سدد المقترض قسطا سقطت نسبة الفائدة عليه. والمثال التالي يوضح المسألة أكثر ، فلو اقترضت مائة ألف بطريقة التورق الإسلامية لمدة خمس سنوات فإن البنك عن طريق البيع والشراء الوهمي سيبيعك سلعة بمائة وأربعين ألف ريال تماما ويشتريها منك بمائة ألف تماما ، أي لا تزيد ولا تنقص مع أن الصورة الظاهرية بيع وشراء ولكن يحدث ذلك لأن أرباح البنك 8% تساوي أربعين ألفا ، أما لو اقترضت المائة من البنك الآخر وبنفس المدة والنسبة فإن البنك سيعطيك المائة ألف ريال أما أرباحه حسب التناقص فهي لا تتجاوز ثمانية عشر ألف ريال وربما أقل من ذلك، أي أقل من نصف الربح الذي يأخذه البنك الحلال ، وهكذا جاءت المسماة (صيرفة إسلامية) لتضاعف تغوُّل البنوك ، وقد يظن البعض أن إقبال البنوك على هذا النوع من الصيرفة إنما هو استجابة لدعوة الحق وتنظيف الأموال من أدران الربا ، والحقيقة أنه إقبال للمزيد من الجشع وتنظيف جيوب الناس تحت ستار الدين والتدين. فإذا كانت البنوك في السابق قبل عهد ما سمي ب(الصيرفة الإسلامية) تمص دماء الناس فقد جاءت هذه الصيرفة لتضيف كسر عظامهم ، وفوق ذلك الاستخفاف بعقولهم عبر أفخاخ وحيل التورق وما شابهها. من المعروف أن البنوك ليس لديها قرض حسن ولا يمكن أن يكون ، فلماذا لا ينصرف دعاة (الصيرفة الإسلامية) إلى الدعوة إلى تخفيف نسبة الفائدة إلى أدنى حد ممكن ويبحثون لهذه الفائدة عن تخريج شرعي ويبتكرون لها اسما ملائما بدلا من صرف وقتهم وجهدهم في إقناع الناس بالتحايل على الشريعة بالصورة التي تضرهم وتخدم البنوك فقط . وما دمت قلت تخدم البنوك فقط فلابد أن أستدرك هنا وأقول تخدم الهيئات الشرعية التي توظفها هذه البنوك ، فلا شك هم شركاء في هذه الأرباح ، لأنهم موظفون ، بل وموظفون كبار جدا ، بل هم أهم من أعضاء مجالس الإدارات ، كيف لا وهم من خلال فتاواهم ونصائحهم ومهاجمتهم للبنوك الأخرى أو بعض عملياتها جعلوا سماء البنوك تمطر مليارات.