أتذكر ذات يوم أن مرّ على أحد الأصدقاء الذين لازلت أكن لهم نفس تلك المودة البكر ولله الحمد والفضل ، وآمل أن أبقى كذلك ، مقترحاً عليّ الذهاب إلى سوق الأغنام بالمدينة ، ولم أتردد ، لا لأنني أجيد ابتياع الخراف والشياه ، قدر رغبتي في رفقته والخروج من ملل روتين الحياة اليومي لمواطن يشعر بمسؤوليته كثيراً حتى تجاه تلك الأمور التي سقطت تحت ذرائعها دولاً وأنظمة. ماعلينا ، بعد وصولنا إلى سوق الأغنام ، ويبدو أن صديقي العزيز بعد أن اكتشف أنني لا أملك أدوات المشتري الفطن ، توقفنا أمام مجموعة من الأغنام الصغيرة في السن (جذع) كما عرفت من البائع ، وبين أنا كنت شارد الخيال مع مايدور في (حلقة) الغنم ، لكزني ملفتاً انتباهي إلى ماسيقوم به ، فقد وضع يديه كحد فاصل بين عيني الخروف الصغير وباقي وجهه ، قائلاً : تصدق أن جمال عينيه يفوق جمال عيون أكثر النساء ، لم أتمالك إلا أن ضحكت من أعماقي ، مؤكداً على فتنتها ، ومضت الأيام ، ولازالت الفتنة تخاتلنا ، ولو من خلال تصريح حيث قال المتحدث باسم الهيئة في إحدى المناطق من مملكتنا العزيزة ، أو كما ورد في التصريح المنشور في الصحافة المحلية : إن رجال الهيئة العاملين في الأسواق سوف يتدخلون بتوجيه الأوامر لأي امرأة بتغطية عينيها إن كانت مثيرة للفتنة . انتهى. بطبيعة الحال ، لم يمض التصريح هكذا ، فقد تم تناوله بالكثير من التهكم والسخرية والتقريع ناهيك عن المزايدات تجاه من يخاف على المجتمع أو من يسئ إلى جهاز الهيئة ، ولعلي بهذا (غفر الله لي ولكم) أشاركهم تسويق الفتن النائمة مع أنني أمقت تصيد الأخطاء وبخاصة تجاه المشتغلين بالمحافظة على الآداب العامة ، فالتصريح يشير إلى البرقع وهو مما اعتاد على لبسه الكثير من النساء ، وفي الوقت نفسه يتناول قضية الفتنة التي برع في سردها المفتنوين بالعيون النواعس شعراً ونثراً ، أو هلعاً من فتنتها للعامة ، ومنها تلك الفتنة الكامنة خلف بؤبؤ عيني خروف جذع ! قفلة : من قصيدة للأمير الشاعر خالد الفيصل : ماهقيت إن البراقع يفتتني=لين شفت ضبى النفود مبرقعاتي الله أكبر ياعيون ناظرني=فاتنات ناعسات ساحراتي