يقولون (اللمحة ذبحة) وخاصة في ذاك الزمان الذي كان يحلم فيه الرجل برؤية المرأة ولو مرة، أما الآن فالله يرحم الحال.. * على كُلٍّ، فإن النظرة الخاطفة العجلى قد تصعق المراهق والشاب، وخاصة إذا صادف أن نظر إلى الفتاة من أجمل جوانب وجهها، فإن لكل وجه زوايا وجوانب يكون فيها أجمل مما هو في الواقع بكثير، والمصورون ومخرجو الأفلام والتلفزيون يعون ذلك جيداً، فيركزون على المفاتن، ويساعدهم فنانو المكياج على إخفاء العيوب وإبراز المحاسن، فقد يظهر وجه المرأة بشكل جانبي (بروفايل)، فيكون فاتناً مع خصلات الشعر التي تداعب الخد، لكن لو ركزت النظر على وجهها كاملاً لخبت تلك الفتنة كما تخبو الشمعة بنفخة.. * لذلك فإن الحب من أول نظرة، كثيراً ما يخبو مع النظرة الثانية.. * كما أن (البراقع) خداعة، قد تُبْدِي عيوناً جمالها قتّال، وتخفي وجوهاً (الله يستر عليها).. * وقد رأى أعرابي طويل وسيم أعرابية ترعى أغنامها في الصحراء، وعليها البرقع، نظر إلى عينيها وهو فوق فرسه فذبحته، فاقترب منها ودقق النظر، فزاد إعجاباً فقال: - هل لكِ زوج؟ فنظرت إلى طوله وقوته ووسامته وفرحت - خاصة أنها عانس - فقالت فوراً.. لا!.. قال: فهل تقبلين بي زوجاً.. فطارت فرحاً ولكنها كتمت فرحها بذكاء المرأة وقالت: لا تكون الخطبة هكذا.. نضيفك أولاً ونعرفك! لحقها إلى (بيت الشعر القريب) وأرادت أن تثبت له كرمها وطيبها وقد طارت فرحاً بنصيبها فأمرت الجارية بذبح أسمن خروف، وأضرمت النار وأخذت تشوي له وتحادثه بصوت عذب حنون حتى أحست أنه وقع في غرامها على أم رأسه، أما هي فالأمر (منتهي) قد شغفها حباً فزادت في دلال صوتها وهي تقول: -إنّ أخي سيقدم الآن فأخطبني منه.. فرد: أرجو أن يقدم عاجلاً فأن من حبك على مثل هذه النار.. فاستخفها الهوى فخلعت برقعها فإذا لها فم قبيح جداً لم يكد الأعرابي يراه حتى قذف قطعة اللحم التي في يده وقفز إلى فرسه، فقالت: 0- ما بك؟إلى أين؟! فقال: - إلى أهلي (ذكّرني فوكِ أهلي).. فذهبت مثلاِ.. * ويقال أن هذا الأعرابي - بعد أن سحرته عيناها من وراء البرقع وهام بها واستعجل ليتزوجها - هرب منها بفرسه وهو ينشد: «ووجه كوجه الغول فيه سماجة مَفَوِّهة شوهاء ذات مشافرِ»! فوجه القمر في النظرة الأولى أصبح وجه غول في النظرة الثانية فسبحان مغيِّر الأحوال (وخلق الله حسن على كل حال).. * وقد رأيت في أحد الفنادق خارج المملكة مطربة شابة مشهورة، كانت تبدو في التلفزيون فاتنة، فإذا بها دون ذاك بكثير.. عادية جداً.. إنما هو المكياج والكوافير واختيار اللقطات في التصوير بذكاء والتركيز على جوانب معينة (وللمونتاج دور في التلميع).. ** عموماً الحب من النظرة الأولى ليس حباً بمعناه الصحيح، ولكنه مجرد دهشة.. إعجاب.. انبهار.. وكل هذه قشور.. الحب أعمق من ذلك بكثير، إنه ليس حب الشكل فقط، بل هو الحب المتكامل (المتبلور) من جمال الروح إلى جمال الشكل والسلوك.