هل أنت نزيه ؟! هل واجه أحدنا نفسه بهكذا سؤال ؟! بصراحه لم يسبق لي ذلك ، وها أنا أفعلها للمرّة الأولى ، بحسبان تكرارها إن فشلت ، لن أحاول أن أجد سبباً لعدم الخضوع لمثل هذا السؤال المستفز ، أو الركون إلى ما أحسبني عليه من الاجتهاد في القيام بدوري في المجتمع . فهل أنا نزيه ؟! صدقاً لقد أطبق الحزن على قلبي ، فالمسألة جد خطيرة ، لأن النزاهة أمام هكذا سؤال تعني تنزيه النفس من شهوات الدنيا وملذاتها ، وتعني التعفف عما في أيدي الناس ، وما أوكل إليَّ من المال العام أو الخاص ، وتعني أداء ماعليّ من التزامات يتطلب الوفاء بها لأصحابها أو لمن لهم حق عليّ ، وتعني أن ما يحدث في حياة أحدنا ، فيه تجنٍ واضح على النزاهة ، وأنه من الصعوبة بمكان تزكية النفس ، أو التظاهر بالطهر والنقاء ، وأن صور النزاهة لاتعني مثولها في أمر ، وجعلها حبيسة التسويف في مقام آخر . النزاهة ، سمت تدثر به الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم ، ومن سار على منهاجهم القويم في العبادة والحياة والدعوة إلى الإسلام ، وهي شاهد لايكذب على المفكرين ، والأدباء ، والمشتغلين بالشأن العام ، والعاملين في شتى مناحي الحياة المتفق على نفعها للبشر من التعليم ، إلى التطبيب ، والعمل في خدمة الناس ، وتشييد المباني ، والتخطيط للمستقبل ، إلى الكلام والكتابة ونشر الأفكار والثقافة بين الناس ، واحترام حقوق الآخرين ، إلى العلاقة بين إنسان وآخر ، وتربية الأبناء ، وإدارة حياة البشر ! أكتب هذا ، بعد أن نُشرت صور ظهر فيها (شراب) رئيس الوزراء البريطاني مثقوباً ، أثناء لقاء صحافي أجري معه . قد لايعني ذلك شيئاً عند من لاتعنيه النزاهة ، كما لاتعني نزاهة رئيس الوزراء البريطاني ، قدر ماتعني بالنسبة لي أن النزاهة يجب أن تكون درساً حياتياً بيننا وفي مجتمعنا ؛ تربية لأبنائنا وأجيالنا القادمة ، ومن قبل امتثالاً لتعاليم ديننا ، وسرداً يقرأ نزاهة من سبقنا إلى هذه الحياة الدنيا من أبناء أمتنا . فواجه نفسك بالسؤال أعلاه ، ولاتتهرب من الإجابة ، فلازالت الفرصة متاحة أمامك ؛ لأن تعود إلى الجادة ، أو شكر الله تعالى على ماأنعم به عليك منها ، ودعوني أستجدي دموعي ، غفر الله تعالى لي ولكم.