بعد التنامي اللافت جدًا في أعداد الحوادث المرورية، التي كان يترتب عليها الكثير من الضحايا البشرية، بالإضافة إلى تنامي أعداد المخالفات المرورية جاء نظام ساهر لنعلق عليه الكثير من الآمال للحد من ذلك النزيف البشري ويعيد للحركة المرورية مرونتها وانضباطها المنفلت قبل ذلك. لكن نظام ساهر الذي يعتمد كثيرًا على الضبط الآلي للحركة المرورية انحرف كثيرًا عن مساره الشامل المتكامل واتجه باتجاه أحادي يدور حول اسلوب الاصطياد الآلي من خلال التواجد عند المنعطفات وتحت الجسور، وهذا الامر سيكون مقبولًا جدًا لو كان مسبوقًا بالتوعية الشاملة من خلال أجهزة الاعلام بمختلف اتجاهاتها ومن خلال اللوحات الإرشادية التوعوية ومن خلال توزيع المنشورات التي توضح الانظمة والاساليب كافة التي تستوجب على قائد المركبة.. أو راكبها والالمام بها لكن ان يكرس الدور المنوط بساهر على آلية الاصطياد الآلي فقط فهذا أمر غير منطقي. ولعل المتتبع لواقع هذا النظام في مدينة جدة على سبيل المثال يجد أن دوره اقتصر على الطرق السريعة أما داخل المدينة فلا يزال الحبل على الغارب ولا زالت القرعي ترعى فقطع الاشارات المرورية على قفا من يشيل وعلى مرأى بعض رجال المرور المتواجدين احيانًا قليلة عند الاشارات وامامهم ترتكب جميع المخالفات ويبدو انهم ارتكنوا الى النظام الآلي الذي لم يفعل بعد عند الكثير جدًا من تلك الاشارات. وفي جانب آخر نجد أن المخالفات المرورية الاخرى ترتكب بصورة تثير الاشمئزاز والامتعاض حتى ان الوقوف عند اشارات المرور اصبح محفوفًا بالمخاطر من خلال الكثير من التجاوزات التي تمارس من قبل بعض قائدي المركبات، حيث نجد الكثير من الممارسات المستهجنة كالالتفاف من الامام وسد حركة المرور للمتجهين باتجاه اليمين او الالتفاف المعكوس أمام المركبات التي تقف عند إشارة المرور ثم تأتي بقية المخالفات الاخرى، التي تسهم في تعطيل الحركة المرورية كالوقوف الخاطئ مثلا كل ذلك يحدث بعيدًا عن الاعين الآلية والبشرية لنظام ساهر فاين هو من ذلك؟ أما الاكثر ايلامًا فهو قلة عدد الافراد المتواجدين بالميدان وضعف التغطية السريعة للحوادث المرورية والذي يترتب عليه اعاقة الحركة المرورية والصعوبة في تحديد نسبة الخطأ مما يستوجب مضاعفة التواجد لرجال المرور كون ذلك لا يغني ابدًا عن تواجد الضبط الآلي الذي يعد امرًا هامًا وضروريًا لكنه ليس كافيًا. وبما أن الانظمة المرورية تتشعب في مهامها ما بين الضبط الآلي والبشري ومتانة وشمولية وصرامة الانظمة المرورية فإن نظام ساهر لا بد وان يضع ذلك ضمن اعتباراته وضمن برامجه التي يمارسها على أرض الميدان؛ فالقضية إذن ليست قضية استجلاب للمال بصورة ملتوية بل هي تثقيف وتوعية بالمقام الاول ثم انظمة ولوائح مفعلة على مختلف الفئات ثم كوادر بشرية مدربة تدريبًا عاليًا على ممارسة مهامهم الميدانية ثم يأتي بعد ذلك دور الاستجلاب المالي الذي ينطلق من قاعدة متينة ومحجة بيضاء يدركها جميع المواطنين ويلتزم بها جميع قائدي المركبات ومنهم النساء اللائي يستوجب ان يكون لهن موطنًا في انظمة ساهر حتى تكون تلك القاعدة صالحة للتطبيق تحت مختلف المستجدات وتحت طائلة الظروف كافة والله تعالى من وراء القصد.