الصحافة الإلكترونية كانت موضوع نقاش عدد من الزملاء المثقفين والإعلاميين على هامش فعاليات (سوق عكاظ) بالطائف في الأسبوع الماضي، ويمكنني تلخيص أبرز الملاحظات التي نوقشت في ثلاث نقاط، أولها: الاعتماد على الشائعات في نقل الأخبار وعدم الدقة في تمحيص المعلومات والتأكد من صحتها قبل نشرها، الأمر الذي يفقدها المصداقية، ويجعلها في موقع عدم الثقة فيما تنشر. وثاني الملاحظات: تلوين الأخبار، عن طريق الخلط بين الرأي وبين الخبر، ويرى البعض أن ذلك بسبب أن بعض هذه الصحف تخدم تيارا معينا، فتوجه الأخبار بالصورة التي تخدمه. وثالثها: أن بعض هذه الصحف تتيح الفرصة لمن يشتم الآخرين ويتهمهم، سواء عبر التعليقات أوعبر بعض المقالات التي لا يستطيع كتابها نشرها في الصحف الورقية أو الإلكترونية الأخرى التي تحترم نفسها وقراءها وتدرك مصلحة الوطن وتحرص على لحمته الاجتماعية ووحدته الوطنية. ومع أن هذه الملاحظات واضحة وأدلتها موجودة في مواقع هذه الصحف مع الاختلاف في نسبتها بين صحيفة وأخرى، إلا أن هناك صحفا إلكترونية أخرى تكاد تخلو من هذه الملاحظات، ولعل (عناوين الإلكترونية) إحداها فهي ليست مشهورة ولا منتشرة بالصورة التي عليها صحف أخرى، لكنها فيما أعتقد ستكسب الجولة في النهاية، ذلك لأن قراء الإثارة والشائعات والشتائم يتناقصون، وقراء المصداقية والموضوعية يزيدون، وإن كانت زيادتهم بطيئة. ولعلكم تتذكرون مواقع كثيرة كانت في بدايات – النت – شهيرة ومقروءة بسبب إثارتها وشتائمها، لكنها تقلصت واضمحلت ولم يعد لها أهمية، وقبل ذلك القنوات الفضائية في بداياتها عندما اشتهر بعضها إثارة وخلاعة ثم تقلصت قيمتها مع مرور الوقت ونمو الوعي بين الناس. إن حرص الصحيفة - أية صحيفة – على السبق الصحفي وعلى أن يكون لها هوية واضحة، يعد ميزة ومطلبا في عالم الإعلام، وهذا لا يتعارض مع المهنية المطلوبة ولا يعطلها، بل إن المصداقية والموضوعية هما فرس الرهان الذي ينبغي أن تفوز به أية صحيفة في نهاية المطاف، فهما ما يجعلانها موضع ثقة الجمهور ويعززان موقعها عندهم باستمرار. ولاشك أن هذا أمر ليس سهلا فهو يتطلب كفاءات وإمكانات، وكلتاهما تتطلبان أموالا ضخمة. ولعل عدم توفر هذه الإمكانات المالية وسهولة إنشاء صحيفة إلكترونية هو الذي أفضى ببعض هذه الصحف إلى استسهال المهمة والركون إلى بعض المتبرعين الذين يزودونها بما يشاع ويقال، فتتخذ منه أخبارا تنشرها دون التأكد من صحتها. وللأمانة فقد نفى الزملاء في صحيفة (سبق) هذه النقطة وأكد مديرها ومالكها علي الحازمي ورئيس تحريرها محمد الشهري أن لدى الصحيفة جهازا تحريريا بعضه متفرغ وبعضه متعاون، فأشرت لهما إلى الملاحظات أعلاه وقلت إذا تداركتما ذلك فإن شهرة الصحيفة ستزيد، والأهم أن الثقة فيها تتعزز وتبقى، ولاسيما أن التجربة في بداياتها وفضل السبق جدير بالمحافظة عليه. وقد أعجبني فيهما تقبل النقد وحرصهما على الاستفادة منه. ولعلّي أختم بما قاله الصديق أحمد العرفج متطلعا إلى الأفضل، إذ قال (لو تم الجمع بين مهنية عناوين وحيوية سبق لحصلنا على صحيفة نموذجية).