تتكون من عدة فصول دراسية، منها الفصول القريبة من الإدارة والتي تحظى بالمتابعة والدعم المعنوي والمادي، ومنها البعيدة عن (العين والقلب) وأخرى تتأرجح بين هذه وتلك، ولكل فصل (رائد) مسؤول عن فصله و(عريف) يضبط (المشاغبين) ويسجل أسماءهم، رائد الفصل وعريفه رتبتان ثابتتان كأنهما غير قابلتين للترقية! مع بداية كل سنة دراسية يجمع المسؤول المالي النقود من الطلاب كأسهم تعاونية لمقصف المدرسة، تحظى بعض الفصول بالدعم الإداري وهذا يرجع لعلاقة رائد الفصل بالمدير أو الوكيل، كما تعتمد جودة المكيفات وقوة الإضاءة في الفصول على ذات العلاقة، وتنسحب تلك العلاقة على تخفيض نصاب المعلمين المقربين، وليس على معيار الكفاءة والخبرة، فهناك اعتبارات أخرى تخترق جسد الأنظمة والقوانين. عريف الفصل يسجل أسماء المشاغبين، وليس بالضرورة أن يكون العريف متفوقا أو مؤدبا، بل إنه في أغلب الأحوال متمرد ولكن تسلطه جعل منه صاحب شأن في الفصل، والمشاغبون في الفصل ليسوا دائما مذنبين، فكثيرا ما يتعرضون للظلم من قبل هذا العريف المتسلط، حين يطالبون مثلا بحقوقهم المشروعة كشرب الماء أو تشغيل المكيف أو الذهاب إلى الحمام، وعند فرز أسماء المشاغبين يستثنى أبناء المعلمين ويجلد الباقون بما فيهم ولد (الفراش)! يعقد مدير المدرسة عدة اجتماعات طوال العام الدراسي وتنتهي بتوصيات وكلام على الورق ممهورا بتواقيع عمياء من جميع المعلمين، الحياة المهنية في المدرسة رتيبة ومملة فهي أشبه بسجن كبير خصوصا عندما تقارن بمدارس أهلية أكثر تطورا وتمدنا وانفتاحا. تقام في المدرسة مهرجات خالية من مضمونها مفرغة من روحها، مسرحيات تضحك فيها الإدارة على المعلمين والطلاب، في هذه المدرسة يلاحظ بعض الصراعات الطبقية، فتجد الغني المتسيد والفقير المطحون، وتلتقط عدسة المراقب فلاشات مضيئة وأخرى معتمة! وعند زيارة المدير للفصول تتزين الزوايا والأركان، وتدبج الكلمات الترحيبية والقصائد المدائحية، ليس كل طلاب المدرسة من ذات الحي، فهناك طلاب من أحياء غريبة ومع أنهم أقلية إلا أنهم مسيطرون على أنشطة مقصف المدرسة. معلم الدين غالبا ما يستغل (الفسحة) وحصص الفراغ لتكريس خطابه الوعظي الذي يطبقه على فئة دون أخرى، فيعاقب الطلاب ذوي القصات والملابس الغريبة في نظره المحدود، وفي فترات أخرى يستثمر أزمات الأحياء المجاورة لجمع التبرعات المالية، فلا يجد الطلاب سوى التبرع بمصروفهم اليومي! تنتهي السنة الدراسية بنمطية فجة، توزع النتائج على حسب المكان والمكانة، ويزعم المسؤول المالي أن المقصف المدرسي قد مني بخسائر فادحة لأسباب غير معلومة، يبتلع الطلاب غصتهم بكثير من المرارة وقليل من الصبر، ينتظرون قدوم السنة الجديدة لتحقيق أرباح في مساهمات وهمية .. ويكفي !