مشكلة العنوسة قاهرة وشديدة، وإلا ندعم النكاح بكل الوسائل المتاحة، فالوعيد لنا بفتنة وفساد كبير. وثمة سلسلة من الكتب والمدونات والبرامج الإذاعية التي تحاول بشجاعة سبر أغوار هذه المشكلة التي باتت أقرب إلى الظاهرة، بل هي ظاهرة فعلاً. ففي بلادنا الحبيبة يعيش أكثر من مليون عانس، يقابلهن حتماً عدد مماثل من الشباب العوانس أو العزاب. وأحدث هذه الكتب بعنوان: (يوميات عوانس) للمؤلفة عبير سليمان، وهي شابة مصرية عمرها 32 سنة. تقول عبير إن فكرة الكتاب صدرت بعد ما لاحظته من قلق شديد تُصاب به كثير من زميلاتها خوفاً من فوات قطار الزواج. ومثال ذلك قولها: (وجدت إحدى صديقاتي غير المتزوجات رغم امتلاكها جميع المواصفات التي يتمناها أي زوج تبكي بشدة في أحد الأيام، وتقول إنها ترغب في الزواج حتى وإن طُلقت بعد فترة قصيرة، فالأفضل لها أن تحمل لقب مطلقة عن أن تحمل لقب عانس). طبعاً كلا اللقبين في مجتمعنا السعودي بالذات غير مقبول اجتماعياً لأسباب تقليدية بحتة، والأول أشد وطأة لدينا بسبب النظرة الذكورية التي عادة ما تحمّل الأنثى كل أوزار الزواج المنتهي بالطلاق دون عدل ولا روية. وأسأل نفسي هنا: كم من بناتنا وأخواتنا العوانس يتألمن في صمت، ويبكين في السر، لا يعلم إلا الله ما يختلج في صدورهن وما يسري في قلوبهن، خاصة إذا كن يعشن فراغاً قاتلاً لا عمل ولا تعليم، ولا أحد يأخذ بالخاطر ويراعي المشاعر، ليبرد من حرارة الصبر وحرقة الانتظار!! وأسأل في الوقت نفسه أولئك الباحثين عن قاصرات غير راشدات لمجرد المتعة الجسدية في حين تقبع مليون عانس ممن بلغن سن الزواج الراشد ينتظرن فارس الأحلام القادم، وفارس الأحلام غير آبه. هؤلاء المدافعون عن حق الزواج من القاصرات جديرون بإعادة النظر في أولويات توجهاتهم بما يضمن للمجتمع حياة رشيدة مدعومة بأسر ناضجة تتوافر لها فرص النجاح والاستمرار أكثر من تلك المبنية على لذة طارئة وطرفين غير متكافئين من كل الوجوه. قافلة العنوسة تزداد نمواً وطولاً، فأين المبادرون رحمكم الله..