أرسل لي أحد المشاكسين بريدًا إليكترونيًّا عنونه بكلمة: (يا راجل)، وهي عند نطقها بتخفيف الجيم على الطريقة المصرية تعني تعجبًا استنكاريًا استفزازيًّا! ردة الفعل المختصرة هذه كانت على خبر نشرته بعض صحفنا أواخر رمضان المنصرم، عن استطلاع للرأي يقول إن 90% من السعوديين راضون عن مستوى جودة التعليم في بلادنا. ويبدو أن العينة التي اختارتها الدراسة كانت (خيارًا من خيار من خيار)، يعني منتقاة جدًّا. بداية تقول الدراسة إن حجم العينة بلغ 1600 من المواطنين حملة الشهادات العليا في تخصصات مختلفة، وتقول كذلك إن 40% منهم حصلوا على وظائف خلال 3 أشهر من تخرّجهم، وأقول (يا راجل)! لو كان الأمر كذلك ما وصلت أرقام البطالة إلى ذلك الحد المخيف الذي نسمع عنه بين حين وآخر، خاصة بين الإناث، لأن هؤلاء لا يجدون عملاً لا خلال 3 شهور، ولا حتى 3 سنوات. وعودًا إلى مسألة الجودة التي هي مضمون الدراسة، وددت تذكير أصحابها بنتائج طلبتنا المشاركين في أولمبياد الرياضيات الذين حققوا المركز 67 من أصل 97 مع كل الاستعدادات والتدريبات، والخبراء، ومعاونة الجامعات، ووددت أيضًا لو أنهم لم ينسوا نتائجنا الموقرة في اختبارات (تيمس) العالمية، حيث نتبوأ عادة المقاعد قبل الأخيرة بقليل. وإذا كان هذا هو حال المدخلات التي تتلقاها الجامعات عمومًا، فكيف حال المخرجات؟ واضح أن القضية لا تحتاج إلى تعليق. السؤال الآخر: ما هي معايير الجودة التي احتكمت إليها الدراسة؟ وأنّى لهؤلاء الخريجين الحكم على مستوى الجودة التي تلقّوها؟ وبأي المستويات الدولية الأخرى قارنوها؟ وكيف لأصحاب الدراسة إصدار حكم من هذا القبيل دون الرجوع إلى الجهات المستفيدة، أو أصحاب المصلحة خاصة القطاع الخاص الجاد؟ هؤلاء هم الذين بإمكانهم تقييم مستويات الجودة الفعلية! بل ويتطلب الأمر أكثر من ذلك، إذ إن حكمهم يظل ناقصًا إذا صدر بعد اختيارهم لأفضل المتقدمين دون النظر في المستويات المتبقية عمومًا!! حقيقة لا أود أن أكون متشائمًا، ولكن لن أستسلم في الوقت نفسه لحبوب تخدير تضر ولا تنفع!!