ليس من أهم شروط رئيس النادي الناجح، أن يكون "رئيس بعثة" الفريق في معسكره الخارجي، أو أن يرأس الوفد في بطولة خارجية. لكنني أرى نجاحه وأحكم عليه من خلال عمله تنظيما، وبرامج، وتخطيطا، وفكرا ، حتى وإن تولى رئاسة البعثة مدير الكرة، أو نائبه.. تلك هي في رأيي مواصفات الرئيس الناجح، وتلك هي الإدارة المثالية في الجامعة، وفي الكلية، وفي المدرسة، وفي الشركة والمصنع، وفي النادي، وحتى في المنزل. ** تكاد تكون أهم صفقات الانتقال الأخيرة من وجهة نظري، هي انتقال لاعبي الوحدة كامل الموسى، وكامل المر للأهلي، وانتقال عبدالرحمن القحطاني من الاتفاق إلى النصر. ولا شك أن اللاعبين الثلاثة يعدون من صفوة النجوم في سماء الكرة السعودية، وأهم من ذلك أن الناديين اللذين انتقلوا إليهما بحاجة ماسة لخدماتهم، حيث عانى الأهلي من ثقوب في دفاعه، ويفتقد النصر للاعب الوسط الأيسر الهجومي. إلاّ أنني ألاحظ أن الأندية المقتدرة ماليا، لم تعد تهرول كما كانت في السابق لاصطياد النجوم من الفرق الأقل إمكانات، ويبدو أن التنظيم الجديد الذي أقر عدد اللاعبين المسجلين في كل فريق ب "ثلاثين لاعبا" بما فيهم الأجانب، واستحداث بطولة تحت "21 عاما" خفف كثيرا من تلك الظاهرة. ليس عيبا أن نعترف أن ما كان يفعله رئيس نادي الاتحاد الأسبق منصور البلوي، ووصف في ذلك الوقت ب"التكديس" لم يكن كذلك، وقد جنى الاتحاد من تلك التعاقدات بطولات محلية وخارجية عدة. قد يكون الخلاف الوحيد مع البلوي أنه لم يلتزم في كثير من الصفقات التي كان يبرمها بالأنظمة واللوائح، واحترام من سبقه في المفاوضات، ولكنه كان من وجهة نظري الشخصية "الرئيس الظاهرة" الذي عرف كيف يلتفّ على الأنظمة واللوائح، وهذا ذكاء كبير. ولعل ما يجب أن يفهمه الجمهور، وأعني جمهور الأندية الرياضية المحلية، أن اللاعب عندما يكون محترفا، فإنه قد تحول من حب وتعلق وعشق لناديه السابق إلى "موظف" مطالب بحضور وانصراف، وعمل، وتنفيذ للتوجيهات، وعطاء وإخلاص لناديه المنتقل إليه. تلك هي قضية الأندية مع بعض لاعبيها، ففي لحظة يمكن أن يدير اللاعب ظهره لناديه، وفي أقل من ساعة يمكن أن يقرر أن يكون، وفي دقائق يمكن أن يصبح في ناد آخر، وهذا أمر أجد أنه غائب عن إدارات الأندية، فكما أعطى النظام للاعب حق الانتقال، فقد منح النادي حقوقا أخرى من بينها الرفع بقضيته إلى لجنة الاحتراف. إذا كان الوضع كذلك، فكيف لنا أن نواجه "زمن التخصيص"، فهناك سيتغير المفهوم من وضعية "لاعب النادي"، إلى اللاعب المنتج، حيث لا شيء يعلو على الاستثمار، وكرة القدم استثمار، كما هو معمول في أوروبا، واللاعب هو العنصر الأساسي في هذا الاستثمار. أكاد أجزم أن لدينا كثيرا من اللاعبين لا يفهمون معنى التسويق، ولم يقرؤوا شيئا في إدارة التسويق، ولذلك ضاعت مواهبهم و"دفنت" في ملاعب الحواري التي أتوا منها وسيعودون إليها. إن اللاعب الموهوب كالبضاعة الجيدة التي يكثر عليها الطلب، ويتزايد سعرها، وهذا أحد أسرار النجاح الذي يحققه نجوم العالم، أمثال ميسي، وكرستيانو رونالدو، وغيرهما من اللاعبين المشاهير الذين عرفوا كيف يسوقون لأنفسهم. يقول نجم الكرة الإنجليزية الكبير ديفيد بيكهام: "تعودت أن أبدأ برنامجي اليومي منذ الخامسة والنصف صباحا، حيث أتناول إفطاري، ثم أوصل أبنائي إلى مدرستهم، ثم أذهب إلى النادي، حيث أؤدي بعض التدريبات اليومية المعتادة، ثم أعود إلى المنزل، وآخذ قسطا من الراحة، وبعد الغداء أتوجه إلى النادي لأحضر الحصة التدريبية، ثم أعود إلى المنزل، وأنام مبكرا". ترى كم لاعب لدينا يفعل ما يفعله بيكهام، ولكنني أزيد "ما أجمل أن تصلي الفجر في جماعة".