** ينفق السعوديون بحسب بعض الاحصائيات على السفر حوالى (40) مليار ريال سنوياً.. وهو رقم قياسي معناه أن اكثر من (50%) من إجمالي الناتج المحلي يتم انفاقه في رحلات السفر بشكل عام، وفي الصيف بشكل خاص ولذلك احتل السعوديون المرتبة الثالثة عالمياً، كأكبر سوق مصدر للسياحة العالمية، ولذلك تتنافس الدول الغربية، ومؤخرا دول الشرق على استقطاب السائح السعودي، طمعاً في الحصول على نصيبها من هذه "الكعكة" الكبيرة. ** ثمة أصوات عربية بدأت تتنادى في السنوات الأخيرة مطالبة بتكريس مبدأ "السياحة البينية" العربية، بحيث يمكن للسواح العرب ان يقضوا إجازاتهم في عدة بلدان عربية، بدلاً من التوجه إلى خارج الإطار العربي، حتى يكون "سمننا في دقيقنا" بعد أن قامت عدة بلاد عربية بوضع المزيد من البنى التحتية السياحية في مرافقها السياحية، ايماناً منها بدور السياحة كقيمة اقتصادية بالغة الأهمية، وثمة قناعات اكثر وجاهة بأن تكون السياحة داخلية بالدرجة الاعظم. ** ولكن ماذا عن هذه السياحة الداخلية عندنا هنا تحديدا، والتي يرى بعض المهتمين انها لا تصل إلاّ إلى حوالى 17% من الاهتمام العام بالسياحة الخارجية.. وهناك في الواقع من يرى ان البنية السياحية المحلية ما زالت إما وليدة او متعثرة، أو أنها لم تف بمتطلبات وحاجة السائح، من حيث الامكانيات والاجواء والاسعار وحالة الابهار التي تعد مؤشراً على تعاظم رغبة السائح المحلي في تحديد قراره قبل السفر.. وهل صحيح ان السائح السعودي لا يذهب للسياحة الداخلية إلاّ لأنه عاجز مادياً أو غير ذلك عن الذهاب للسياحة الخارجية؟ ** هناك من يؤمن بأن مناطق الجنوب السعودي تملك مناخاً رائعاً وطبيعة أروع في فصل الصيف تحديداً، وأنها مؤهلة لأن تكون أرضية صلبة لقيام "صناعة سياحية" سعودية حقيقية.. لكن تظل المعطيات شيئاً والواقع شيئاً آخر.. فهل فعلاً يشهد الجنوب السعودي تدفقاًَ لافواج كبيرة من السياح السعوديين والعرب والاجانب؟ ام أن كل ما في الأمر أن أهل الجنوب يعودون إلى "ديرتهم" في الصيف كاجازة سنوية عادية لا تحمل في واقع الأمر اية دلالة حقيقية على أنهم مدفوعون ذاتياً من أجل السياحة في المصائف الجنوبية؟ ** صحيح ان هناك اعداد لا بأس بها من غير أبناء الجنوب السعودي يزورون الجنوب، وقد زاره ربما أكثر من مرة بدء من الطائف فالباحة وانتهاء بابها.. لكن ما حجم المقارنة بين الوجه الايجابي الذي وجدوه، وبين الوجه السلبي.. خاصة إذا ما تعالت الشكاوى من ارتفاع الاسعار الى مستويات قياسية فوق طاقة المواطن "العادي" الذي يتطلع إلى مكان نظيف وأكل جيد وسعر مواصلات مناسب، فإذا وجد ان كل هذه العناصر "محلقة" في السماء، عاد مذهولا من جشع السياحة الداخلية، وقد يقابل صديقاً عائد من الخارج فيروي له ان صرف نصف ما يصرفه السائح في الداخل؟ ** السياحة الداخلية ليست مجرد أمنيات وأحلام تتطاير في الهواء، ولا هي فقط مهرجانات تقام في درجات حرارة تلامس ال(50) درجة، ولا هي هياكل انيقة من الخارج وغلاء فاحش من الداخل، ولا هي بروشورات تتلامع بفعاليات معلبة.. هي غير كل هذا بالتأكيد، والكرة في مرمى المسؤولين عن السياحة؟ في مختلف المناطق.