صحيح أن وجود لجنة تهتم بالمعالجة المستعجلة للمشاكل الحاصلة بين المالك والمستأجر والمتعلقة بطلبات الإخلاء أو تأخير دفع قيمة الإيجار المتأخر كانت ولازالت ضرورة ملحة ومطلبا مهما للكثير من أصحاب العقارات، لكن هذا يجب ألا يكون على حساب حقوق المستأجر باعتباره الطرف الأضعف في هذه الخصومة، عندما لا يجد مجالا أو متسعا من الوقت ليبدي أقواله أو يحقق دفاعه حيال الادعاء الموجه ضده، فيصبح بين خيارين أحلاهما مر فإما الإخلاء أو فصل الكهرباء!! لقد حدث في العام 1400ه، أن تدخلت الدولة مشكورة لتنظيم الإيجار، حيث اطلع مجلس الوزراء على قراراته السابقة الخاصة بتنظيم أجور العقارات ومراعاة منه لظروف المواطنين السكنية خلال الفترة القادمة قرر تحديد نسبة الزيادة في الإيجار للعقارات المستأجرة قبل 1/1/1394ه بنسبة 20%، أما العقارات المستأجرة بعد ذلك تبقى أجرتها خلال عامي 1401ه و1402ه بدون زيادة، فيما تطلق الحرية للمؤجر والمستأجر في الاتفاق على الإيجارات التي يتراضون عليها وذلك ابتداء من غرة عام 1403ه. لكن حرية المؤجر هذه الأيام بلغت ذروتها، حتى حجبت تماما حرية المستأجر (الذي لا حول له ولا قوة) وعلى افتراض أن المؤجر تمسك ببنود العقد ورفض الزيادة خلال مدة سريانه فإن هذا الأمر سيزيد من تعنت المستأجر ليتفنن في زيادة الإيجار خلال مدة الإخطار التي تسبق نهاية مدة العقد، ومع أن هناك قرارا وزاريا يحدد الحالات التي بموجبها يجوز للمؤجر طلب إخلاء العقار، ومع أن انتهاء مدة الإيجار المحددة في العقد لم تكن من بين تلك الحالات، إلا أن رفع الإيجار سوف يؤدي لتأخر المستأجر في السداد مدة الخمسة عشر يوما من تاريخ الاستحقاق، لتتحقق مع الوقت إحدى الحالات، فيلزم المستأجر بإخلاء العقار! إنني لا أدعو هنا للوقوف في صف المستأجر المماطل الذي يريد أن يسكن بعقار الغير (هكذا دون مقابل) لأنني أعلم كغيري مقدار الجهد والمال التي بذلها وأنفقها المالك في سبيل شراء أو تشييد هذا البناء (طوبة.. طوبة) لكنني أتعاطف كثيرا مع ذلك المستأجر الذي استغل المؤجر طيبته وانتظامه في السداد ليرفع عليه الإيجار (لمجرد الجشع وحب الدنيا) دونما مراعاة لغلاء المعيشة وللظروف المادية والاجتماعية الصعبة، هذا الأمر يجب ألا يستمر السكوت عنه ومن المهم جدا التدخل فورا لمعالجته، وإلا فعلينا أن نعمل منذ اللحظة للمساهمة في نصب مخيمات الإيواء لفوج اللاجئين من ثورة (براكين الإيجارات).