هكذا تتصل إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وهو يستكمل مشروعه الحضاري النهضوي الشامل، وتجيء مبادراته دائما ملبية للاحتياجات، ومواكبة للمستجدات وفي هذا الإطار، وضمن هذه المنهجية الثابتة، أصدر الملك عبدالله أمره السامي الكريم في 4-5-1431ه بإنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وأن تكون هيئة ذات شخصية اعتبارية ومستقلة تلحق إدارياً برئاسة مجلس الوزراء، مقرها العاصمة الرياض، وتهدف إلى دفع عجلة التنمية المستدامة. لقد أراد الملك لهذه المدينة أن تلعب دوراً فاعلاً في تقنين الطاقة وتوظيفها في المجال السلمي الصناعي والزراعي والتعديني ومجال الطب وغيره من النشاطات، وأن توفر احتياجات الحاضر، ومتطلبات المستقبل، في جانب الطاقة المتجددة، وتستوعب النقلة العلمية التقنية الصناعية التي تشهدها المملكة، بحيث يصب مردودها في زيادة معدلات التنمية بما تمتلكه من كفاءات بشرية، وإمكانيات مادية، ورؤى تخطيطية، ونظام إداري حديث، يتصدره مجلس أعلى برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية نائبيه الأول والثاني، ووزراء ومسؤولين كبار في مجال الطاقة والتقنية، فضلا عن وجود علماء وخبراء طاقة ذوي تجارب علمية واسعة ضمن منظومة جهازها الإداري. ومع قيام هذه المدينة العملاقة سيطمئن الناس على مستقبل الطاقة في بلادنا، ليس من حيث الكم، بل أيضا من حيث التنوع والاحتياجات، وتأمين متطلبات التنمية، وتنويع مصادر الطاقة، وهي بلا شك لبنة إضافية، ولؤلؤة جديدة في عقد إنجازات خادم الحرمين الشريفين، وركيزة متينة في جدار البناء التنموي الذي أسسه الملك عبدالله على تقوى من الله وعلى دعائم قوية، حيث تشكل بكل المقاييس نقلة نوعية على طريق تأمين الطاقة النظيفة، وخطوة جادة في مسيرة التنمية المستدامة، ورؤية حديثة على مستوى تنشيط البحوث وتطوير الصناعة في الحقبة الذرية. وانطلقت رؤية خادم الحرمين الشريفين، وهو يصدر هذا الأمر السامي الكريم، من واقع ملامسته للواقع، ودرايته التامة بتفاصيل احتياجات الحاضر وتطلعات المستقبل، لتكون للمملكة مرجعية علمية في الطاقة الذرية والمتجددة، تسهم في تقليل استخدام الوسائل التقليدية لتوليد الطاقة، بما ينسجم مع المعاهدات الدولية، وما يتناسب مع الاستخدام السلمي للطاقة، وبما يفيد الوطن والمجتمع بإيجاد طاقة بديلة نظيفة أقل تكلفة وصديقة للبيئة، خصوصاً مع زيادة الطلب على الطاقة، في ظل اتساع رقعة التصنيع، وتنامي النهضة العمرانية، والزيادة السكانية المطردة، وزيادة الاستخدامات والاحتياجات في مختلف الأصعدة. المدينة الواعدة الصاعدة، ولدت مدركة لرسالتها، ومبصرة لإسهامها في توظيف العلوم والبحوث والصناعات المتعلقة بالطاقة الذرية والمتجددة في الأغراض السلمية، فضلاً عن دعم ورعاية أنشطة البحوث أنشطة البحوث والدراسات، وتوطين الطاقة، والإسهام في بناء قاعدة معلوماتية تكون ركيزة أساسية في مجال الطاقة لدعم الصناعات والمجالات الطبية والزراعية والتعدينية، وكذلك تعزيز مبادرات القطاع الخاص، وتشجيعها لتصب في خانة التنمية المستدامة، خصوصاً منها ما يتعلق بالبيئة، ورعاية وتشجيع البحوث التي تتبناها الشركات، والأفراد في الجامعات ومراكز البحث التي تحظى باعتراف المدينة، وكذلك كراسي البحث المتعلقة بالطاقة الذرية. وأخيراً هذه الخطوة المباركة من خادم الحرمين الشريفين، تأتي تواصلا مع خطواته الرامية إلى تطوير الوطن واقتصاده، وإدخال المملكة عصر الطاقة النووية سلميا وتقدما، واستجابة للمستجدات، وتأكيدا لريادة المملكة في الميادين التي تعزز رفعة الوطن وتقدمه ومواكبته إيقاع العصر، وتحدثه بلغة التقنية، ولغة العلم، ومخاطبة العالم بمفردات الإنجاز والتنمية والبناء. رعى الله بلادنا في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وحفظهم الله جميعا ومتعهم بتمام الصحة والعافية، وحمى مواطنينا من كل سوء.