تتعاقب السنوات على بعضها وتتفاوت بين جزر ومد فيما الهلال الذي عرفته ميادين كرة القدم من الخليج إلى المحيط لا يزال هو الثابت يرفض الانكسار ويمقت الوهن ولا يرتضي في زمنية شبيه الريح بأي خيار سوى خيار القمة. مراحل من عمر الزمن تساقطت أوراقها وفي كل ورقة تسقط هناك مدلول عمل يؤهل سريعا كل من يحاول البحث عن سر هذا الفريق الاستثنائي الذي افترش القمة وتربع عليها. إدارات تذهب وأخرى تصل.. رئيس يغادر وبديل يحضر والمتغيرات قديمها جديد وجديدها قديم، فالهلال هو الهلال (بطل) أو هو أشبه ما يكون بمعين ذهب لا ينضب ولا يصدأ ولا يتغير. أي روعة هذه التي نتعايش معها اليوم مع الهلال.. إنها روعة فكر وروعة عمل وروعة إدارة تفننت في أدوارها إلى أن أكملت نص التميز بنص الإبداع فتحول الأزرق إلى نجم وإلى أسطورة وإن شئت فقل إلى فريق يلاعب المنافسين ولكن بأسلوب لعبة (البلياردو). الدوري.. كأس ولي العهد.. كأس الأمير فيصل وأخيرا كأس خادم الحرمين للأبطال.. أربعة نهائيات في موسم واحد ومن يصل إلى مثل هذا الرقم فهو فريق مختلف والهلال مختلف لا يشبه إلا نفسه. البعض استمرأ العزف على الهوامش والبعض الآخر انكفأ خلف ملاحقة التحكيم أما هذا المختلف جدا أعني شبيه الريح فقد قدم لنا هلال اليوم في إطار قصيدة محكمة الوزن والقافية. في الانضباط.. في احترافية العمل.. في الفكر.. في الهدف المرسوم ووسائله.. حتى في لغة الخطاب الإعلامي نجد الهلال يختال وحيدا في جغرافية الوعي والمنطق وحضارية المنهج. البطولة أي بطولة هي عصارة جهد ونتاج فكر ولأن الهلال قدم مهر بطولاته من فاتورة التعب والجهد والفكر فهذا هو الدليل الدامغ على أن الذي يقود سفينة الهلال هو ربان ماهر له رؤية وله نظرة وله قرار. بالأمس لم يكسب الهلال بالخمسة لكنه تأهل للنهائي الرابع على التوالي. وفي ذات المهمة لم يهز القحطاني الشباك لكن ويلي ونيفيز مارسا على الميدان ماهو الشبيه الأمثل لما نشاهده دائما على طاولة البلياردو.. هذا واقع الهلال الفني وهذا حاله وهذه مع تلك وثيقة إنصاف سترفعها الجماهير الرياضية عامة والهلالية خاصة للتاريخ مع أن التاريخ لايمكن لسجلاته أن تلغي كل تلك النجاحات الكبيرة التي صاغها الأمير عبدالرحمن بن مساعد من جهده وعمله مع أعضاء الشرف مع الإدارة مع اللاعبين إلى أن اكتملت المنظومة وأصبح من خلالها زعيم نصف الأرض فريقاً سعودي الهوية عالمي الأبعاد. مبروك للهلال هلالهم ومبروك للوعي عبدالرحمن بن مساعد ومبروك لرياضة الوطن مثل هذا الفكر الرياضي المتطور الذي نتمنى استمراريته لكي على الأقل نجد أكثر من (هلال) محترف ليس بالنظرية وإنما بالتطبيق. ختاماً أخشى ما أخشاه أن تذهب جائزة نجم الموسم لمن ليس جديرا بحملها، ولو سألتموني من هو المستحق لها فلن أتردد في أن أقول هي الحق المشروع لأسامة هوساوي. أسامة قدم لنا ذاته بطريقة الكبار في أوروبا سلوكا وانضباطا ونجومية. باختصار جائزة الموسم حرام أن تذهب لغير هذا النجم المبدع الخلوق.. وسلامتكم.