يجتهد الغرب في إنتاج بدائل للطاقة تغنيه عن البترول وقد حقق في هذا المضمار نجاحات جيدة ومازالت تجاربه وأبحاثه مستمرة ، ولاشك أن نجاحاته في هذا الميدان تأتي على حساب البلدان المنتجة للنفط والتي تعتمد عليه اعتمادا كليا كمورد اقتصادي وحيد، وبلادنا في طليعة هذه الدول، ولهذا لا مناص أمام هذه الدول من البحث عن مصادر أخرى للدخل غير النفط لضمان مستقبل أجيالها. (اقتصاد المعرفة) هو أقوى البدائل التي تحقق التنمية المستدامة ، وهو اقتصاد يقوم على تنمية الإنسان معرفيا ليكون بذاته اقتصادا دائم القوة بفكره وإبداعه وإنتاجه، وهذا النوع من الاقتصاد هو الذي أخرج اليابان من تحت رماد الهزيمة العسكرية لتصبح المنافس الاقتصادي الأقوى لمن دمرها بالقنابل ذات يوم بل أصبحت تهدده في عقر داره بمنتجات إنسانها وابتكاراته التي أذهلت ومازالت تذهل العالم يوميا، وهذا النوع من الاقتصاد هو الذي جعل دولا أوروبية ليس لديها بترول ولا معادن في صدارة الدول الصناعية ذات الرخاء المعيشي النادر والتقدم الحضاري الهائل مثل السويد وفنلندا وغيرهما .المملكة من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للبترول، وهي تعتمد عليه كمصدر دخل رئيسي، وهي استفادت منه في بناء حياتها الحديثة ورخاء إنسانها، لكنها أمام ما يبذله العالم المتقدم المستهلك الرئيسي للنفط من جهود هائلة لاستنبات بدائل للطاقة كان لابد لها من البحث عن بدائل أخرى لاقتصادها في المستقبل على المستويين القريب والبعيد، ولهذا كان من الطبيعي أن تتجه إلى تنمية الإنسان الذي يعد الثروة الأبدية التي لا تنضب . مرت تنمية الإنسان السعودي بمراحل وشهدت اجتهادات مختلفة حتى تبلورت أخيرا على يد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العزم على تحديث وتطوير التعليم بكل مراحله وفي الانفتاح المدروس على العلوم الحديثة في شتى مجالاتها، وإعطاء الفرصة لدراستها وتعلمها في بيئتها الأصلية ، مع نقل ما يمكن نقله منها إلى بيئتنا المحلية، فكان برنامج المليك الضخم للابتعاث الخارجي، وكانت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، وكان مشروع (النانو)، وكانت منذ أيام مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وكل ذلك وغيره من أجل تكوين قاعدة صلبة لبناء اقتصاد لا يرتهن لثروة ناضبة أو مهددة بالكساد لأي سبب من الأسباب، فالإنسان هو الثروة العظمى الباقية والمتجددة، والضامنة – بعد الله – للبقاء القوي والرخاء الحقيقي.