وكان الوطن على موعد هام مع التاريخ ليدخل من أوسع أبواب العلم الحديث والتقنية المتطورة إلى عالم الطاقة الذرية والطاقة المتجددة، بصدور الأمر الملكي الكريم بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لتكون داعماً قوياً للمساهمة في التنمية المستدامة Sustainable Development في مملكة الإنسانية، وذلك باستخدام العلوم والبحوث والصناعات ذات الصلة بالطاقة الذرية والمتجددة في الأغراض السلمية وبما يؤدي إلى رفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة في عهد ملك الصلاح والإصلاح ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه، وتأتي أهمية هذه المنشأة العلمية الوليدة من كونها تقوم بدعم ورعاية نشاطات البحث والتطوير العلمي وتوطين التقنية في مجالات اختصاصاتها وتحديد وتنسيق نشاطات مؤسسات ومراكز البحوث العلمية في المملكة في هذا المجال وتنظيم المؤتمرات المحلية والمشاركة في المؤتمرات الدولية وتحديد الأولويات والسياسات الوطنية في مجال الطاقة الذرية والمتجددة. والطاقة المتجددة عبارة عن مصادر طبيعية دائمة وغير ناضبة متوفرة في الطبيعة سواء أكانت محدودة أم غير محدودة ولكنها متجددة باستمرار وهي نظيفة لا ينتج عن استخدامها تلوث بيئي ومن أهم هذه المصادر الطاقة الشمسية التي تعتبر في الأصل هي الطاقة الرئيسية في تكوين مصادر الطاقة وكذلك طاقة الرياح وطاقة المد والجزر والأمواج والطاقة الحرارية الجوفية وطاقة المساقط المائية وطاقة البناء الضوئي والطاقة المائية للبحار والمحيطات. إن إنشاء هذه المدينة الواعدة يسهم بفعالية في نقل وتوطين تقنية الطاقة المتجددة وخصوصاً الطاقة الشمسية في هذه المرحلة بما يخدم خطط المملكة التنموية عن طريق تنفيذ خطط وطنية للبحث والتطوير، والتوسع في استغلال تطبيقاتها المتعددة. ويجمع الخبراء المختصون على أن فرصة المملكة كبيرة ومواتية ومجدية للاستثمار في استغلال الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وغيرها والاستفادة من تطبيقاتها، خاصة مع توفر عدد من الميزات النسبية من أهمها مستويات سطوع شمسي هائلة تعد الأعلى في العالم، فضلاً عن توفر المساحات الشاسعة كما يمكن استغلال هذه الطاقة في إمداد المملكة بكفايتها من الكهرباء إضافة إلى تسخين المياه وتأمين الكهرباء لنظم الاتصالات وحماية أنابيب النفط من التآكل وتشغيل الإشارات المرورية والتحذيرية والإضاءة في المناطق النائية بدلاً من الطاقة غير المتجددة وهي البترول على ما فيه من تلويث للبيئة واستنزاف له كمورد للطاقة غير المتجددة. أما الطاقة الذرية فلها استخداماتها السلمية العديدة مثل تحلية المياه والاستخدامات الطبية المتطورة وبأقصى درجات الأمان والاعتمادية، وتعتمد عليها كثير من دول العالم المتقدم في إمدادها بالطاقة النظيفة دون أي مشاكل بيئية. وفي كل تلك المشاريع البحثية التطويرية أهمية قصوى للإسهام في المعرفة الإنسانية. وهناك إمكانية لإنشاء محطات توليد كهروضوئية وكذلك استخدام تقنية النانو خاصة وأن معدل النمو المتوقع في استهلاك الطاقة في المملكة يزيد عن 6% سنوياً للسنوات القادمة بسبب النمو الاقتصادي المحلي وأيضاً الإسراف في استهلاك الطاقة وبينِّت دراسات بحثية أن الطاقة المتجددة قد توفر للمملكة أكثر من 33 في المائة من احتياجاتها من إجمالي الطاقة باستعمالاتها المختلفة. حقاً أنها نقلة نوعية لها ما بعدها لتطوير بحوث المنتجات الطبية والزراعية والصناعية والتعدينية وتوليد الطاقة والمياه المحلاه باستخدام الطاقة الذرية والمتجددة والمحافظة على الموارد الطبيعية وتحسين كفاءة استخدامها كما سيكون لنا وجودنا المشرِّف في المنظمات الدولية ومراكز البحوث العالمية والاتفاقات العالمية، فأهنأ يا وطني وطن العز والكرامة بقيادتك الحكيمة ورجالك المخلصين.