أرجو أن يقوم مدير مستشفى الرس العام باستدعاء والدي الطفلة التي يبلغ عمرها 11 عاما – كما نشرت صحيفة الرياض يوم الأحد الماضي – ويقرأ عليهما قصة الطفلة اليمنية إلهام (11عاما) التي توفيت بعد تزويجها من فتى عشريني لم يكتف أن ينقض عليها بعنفوان فتوته بل تدرع بمقويات جنسية نقلت الطفلة من غرفة النوم إلى حفرة القبر. إنني أعتقد أن على مدير مستشفى الرس وزملائه وزميلاته في المستشفى مسؤولية إيصال رسالة (إلهام اليمنية) رحمها الله إلى الوالدين اللذين وافقا على زواج طفلتهما من رجل في الخامسة والستين أثبتت الفحوصات – كما يقول الخبر – أنه مصاب بالتهاب الكبد الوبائي b، وأن الوالدين هداهما الله يراجعان المستشفى لاستعجال إنهاء الفحوصات لرغبتهما فيما يبدو في الإسراع بتقديم الضحية إلى مصيرها المشؤوم. إن المسؤولية الإنسانية والأخلاقية تقتضي أن يقوم مدير المستشفى وزملاؤه بالدرجة الثانية بتغيير المنكر وهم قادرون على أن يتحدثوا مباشرة إلى والدي الطفلة ويروون لهما قصة الطفلة اليمنية، بل إنني أعتقد أن من واجبهم توعية الوالدين بالمخاطر الآنية والمستقبلية جراء زواجها في هذه السن وتتويج هذه التوعية بكارثة الطفلة اليمنية لعلهما يتراجعان عن زف طفلتهما إلى قبرها سواء القبر الحقيقي كما حدث للطفلة اليمنية أو القبر المعنوي الذي لامناص منه بقية حياتها إن كتب الله لها عمرا ولم تقتلها فحولة الفياجرا وأخواتها. توجهي هنا لمدير المستشفى وزملائه لأن الوالدين هنا موافقان وموافقتهما هنا تعني أن المأذون سيعقد والمحكمة ستصادق على العقد وسيتم تدوين موافقة الطفلة التي قد يتبرع متبرع أو متبرعة فيصف ضخامة جسدها وأنها تبدو كفتاة في العشرين وهذا العذر بالمناسبة يتصدر مبررات زواج الطفلات اللواتي يغادرن مقاعدهن الدراسية في المرحلة الابتدائية إلى عش الزوجية الذي أقل ما يوصف بالنسبة لهن أنه مقبرة الحياة التي إن خرج منها بعضهن فإلى الضياع بكل ما يعنيه الضياع من وحشة وسقوط. لا نظام عندنا يمنع زواج هذه الطفلة في الرس، وإذا كان اليمنيون توصلوا إلى صيغة قانون لتحديد سن الزواج ب17 سنة وما زال يلقى معارضة بعضهم الذين قد يجدون في مقتل إلهام ما يلهمهم الرشد، فنحن حتى الآن لم نضع صيغة النظام ولا أدري إن كنا فكرنا فيه أم لا، على الرغم من ارتفاع الأصوات عندما حدثت حالات مماثلة لحالة طفلة الرس، آخرها كانت منذ نحو شهرين. ومع أن لدينا مسؤولين كبارا يعون مخاطر هذا الزواج ولا يقبلونه لكنهم يجدون حرجا كبيرا في التدخل الفوري دون نظام أمام تأويلات وفتاوى التكافؤ الشرعية في الزواج التي – ويا للعجب – تتخذ مواقف صارمة في تكافؤ النسب وتستنبط من الأدلة ما يفرق بين زوجين متحابين منجبين بحجة أن أحدهما من قبيلة داحس والآخر من بني الغبراء ولا تجد حرجا في زفاف طفلة إلى قبرها، مع أن الشرع الحنيف يطالب بألا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة. وإلى أن يصبح لدينا نظام يمنع هذا – وأرجو أن يكون قريبا – فإن طوق النجاة السريع لطفلة الرس بيد مدير المستشفى وزملائه الذين أعتقد أنهم سينجحون في منع هذين الوالدين من التضحية بطفلتهما إن كان سبب ما أقدما عليه الجهل، أو يخجلان من فعلتهما إن كان السبب صفقة مالية مغرية، أو تتم مساعدتهما – وسبل المساعدة كثيرة ومتاحة – إن كان السبب فقرهما المدقع، المهم إنقاذ الطفلة من براثن القبر.